أستاذ علم الاجتماع : الغلاء أحد عوامل ارتفاع نسبة العنوسة نائبة بالبرلمان : غلق باب الاستيراد يشجع الصناعة الوطنية حالة من الركود تسيطر علي اسواق العرايس.. صدق اولا تصدق ان مناطق »العتبة والموسكي وسوق الثلاث» والتي كانت في يوم ما »قبلة» للمقبلين علي الزواج الا ان الأمر الان اصبح يدعو الي الحسرة .. اختفي العريس واختفت العروسة واصبح التواجد في اسواق البسطاء للفرجة فقط..المشهد داخل سوق الثلاث بالعتبة يدعو الي الألم !.. البائعون جلسوا يتناولون أكواب القهوة والشاي وينفثون دخان سجائرهم في انتظار زبون لا ياتي بعد.. بضاعة راكدة داخل المحلات تعلوها قوائم اسعار من نار لم يعتد المصريون علي رؤيتها من قبل.. فالكثير منها ازداد سعره للضعف وأكثر، وبعضها زادت أسعارها بنسبة 60%.. مما جعل الكثيرين من الفتيات ينفرون من تلك المحلات بعد سماع الأسعار الجديدة، أو الأكتفاء ببعض الأغراض القليلة التي تكفي حاجتها اما بالقطعة والتقسيط او الاكتفاء بالفرجة فقط. »الأخبار» رصدت في هذا التحقيق حالة الركود بأسواق »العتبة، والغورية، وحمام الثلاث»وهي أشهر أسواق بيع الأدوات المنزلية ولوازم المطبخ والمفروشات وتجهيز العرايس بمصر، وتحدثت مع المواطنين والخبراء والمتخصصين لتفسير هذه الظاهرة وكيفية مواجهتها . في البداية وعند مدخل سوق حمام الثلاث الذي كان من الصعب التجول فيه وقفت راندا محمد »موظفة» والتي ساقتها اقدامها لشراء طقم اواني طهي جديد بدلا من الطقم التي اشترته منذ 20 سنة في »جهازها» والذي عفي عليه الزمن قائلة: » كنت احلم بشراء طقم حديث مثل الجرانيت او السيراميك الذي اشاهد اعلاناتهم في التلفاز يوميا، ولكنني تفاجأت ان اسعارها قد تضاعفت عن الميزانية التي ظللت لمدة 10 اشهر ادبرها من مصروف المنزل علي امل ان احصل علي طقم منهم ولكن الاسعار صدمتني ودمرت احلامي، وابدت استغرابها باستمرار ارتفاع الاسعار بهذا الشكل علي الرغم من تراجع سعر الدولار»، وتلتقط منها طرف الحديث ام حسن والتي قدمت الي العتبة وبالتحديد سوق الثلاث من اجل تجهيز ابنتها التي اوشكت علي دخول »عش الزوجية »، وتقول ام حسن :» يقطع الغلا وسنينه الأول كانت الحاجة معقولة مش عارفة اعمل ايه دلوقتي هضطر استغني عن حاجات في جهاز بنتي فما باليد حيلة». هنأجل جوازنا ! اما »عبده وبوسي» احد المقبلين علي الزواج اكدا ان ارتفاع الاسعار اصبح يعرقل خطة زواجهما مما ادي الي تأجيل موعد الزفاف الي ان يتمكنا من تدبير امورهما.. وبنظرة حزينة، وقفت هدي رمضان الفتاة العشرينية تنظر الي اسعار »النيش والأدوات المنزلية وملابس العروسة» وعلامات التعجب تملأ وجهها الذي كان حزينا من »هول ارتفاع اسعار جهاز العروسة»، وتقول هدي : جئت الي السوق الأرخص في تجهيز العرائس من اجل معرفة الأسعار حتي اقوم بزيارة اخري أحضر فيها المال اللازم للشراء، ولكنني صعقت من ارتفاع الأسعار الجنوني في كل شئ بداية من النيش وحتي اصغر قطعة في جهاز العرائس، واضافت هدي : شكلي مش هعرف اجهز نفسي وهقعد جنب امي في الأخر وسأفوز بلقب »عانس». ومن امام سوق الموسكي لبيع المفروشات وملابس العرائس، جلست ام رشا أقدم بائعة ملابس بالسوق واضعة يديها علي جبينها الذي تشقق من اجل لقمة العيش ليبين لك مدي المعاناة والسعي لجلب الرزق والذي ظهر علي المرأة الستينية الأقدم في السوق.. خرجت علينا تستوقفنا وتؤكد لنا بانها أقدم بائعة في السوق قائلة: كنت ابيع ملابس العروسة ومنها »الترنجات والبيجامات» والذي كان سعرهم لايتجاوز ال 60 جنيها، اما الآن فقد وصلت اسعارهم ال250 جنيها، اما الجلابية الحريمي فكان سعرها 70 جنيها اما الآن فوصل سعرها الي 240 جنيها مضيفة : كنت ببيع بالقسط زمان والحاجة كانت رخيصة، اما الآن فانا ابيع الشطة والكمون في السوق. اين الرقابة ؟ ويتمني حسن خلف عامل باحد المعارض الكبيرة بسوق الثلاث بان تعود »الرجل» للسوق بعد حالة الركود التي اصابت عملية البيع والشراء مشيرا بان المعرض كان يربح في اقل يوم من 20 الي 30 الف جنيه يوميا اما الآن فان »الحال واقف» علي حد قوله، مضيفا بان اسعار طقم الصيني كان ب 1000 جنيه تضاعف بل وصل سعر بعض الانواع الي 4 الاف جنيه وهبط سعره بعد حالة الركود ليصل الي 3 الاف جنيه، وهناك تجار وسطاء يكسبون الذهب والزبون هو المظلوم متسائلا : اين الرقابة عشان الناس تشتري من جديد. اما محمد زكي »تاجر مستلزمات النيش» فيؤكد ان المواطنين لم يجدوا ضالتهم في الأسواق الشعبية مثل العتبة والموسكي وهنا في سوق الثلاث وقاموا بشرا الصيني والنيش »قطاعي» فنصف الطقم الصيني يباع ب2500 جنيها، واضاف بان المصنع المصري يقوم ببيع السلع باسعار متضاربة الي الأسواق، فقفزت لتصل الي 3 اضعاف السعر الأصلي بزيادة 60% وذلك بعد زيادة الدولار وغلق الإستيراد بوضع شروط مجحفة علي المستوردين من قبل وزارة التجارة والصناعة. عصر الاحتكار اكد أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية: إنّ ارتفاع الأسعار جاء بسبب قرارات وزارة التجارة والصناعة »191، 192، 43» والتي اعتبرها معرقلة للاستيراد، موضحًا أن السوق يشهد حالة اشتعال في الأسعار بسبب تلك القوانين حيث إن القوانين الحالية تم أخذها بناء علي ضغط من بعض الصناع المصريين الذين يريدون الهيمنة علي السوق المصري، واضاف شيحة بان المحتكرين في السوق المحلي قاموا برفع الأسعار استغلالا لنقص الكميات المعروضة في السوق من المنتجات الصينية، مضيفا بان الارتفاعات في الأسعار والتي وصلت الي اكثر من 250% جزء منها احتكارية اما الجزء الأخر فهو خاص بالتعويم والجزء الأهم هو عدم وجود منافسة في السوق،وأشار إلي أن قرارات تقييد الاستيراد هدفها تحجيم المحتكرين من الصناع المصريين والقضاء علي شريحة من المستوردين وصغار التجار فهناك اكثر من 850 الف مستورد و4 ملايين تاجر مما سيعيدنا الي عصر الاحتكار وهيمنة رؤوس الأموال مرة أخري علي السوق المصري. مهزلة الاستيراد وأكدت د.بسنت فهمي »عضو مجلس النواب والخبيرة الاقتصادية» ان جهاز العروسة هي عادات وتقاليد مصرية سيئة لانها تعتمد علي المظاهر ولابد من التخلي عنها واستثمار الاموال التي تهدر في شراء اطقم كاسات واطباق توضع في الفاترينة التي تسمي »النيش» في اشياء اخري يتم استخدامها في المنزل والاستفادة بها، وتضيف د.بسنت انها تؤيد قرار غلق باب الاستيراد حتي نوقف مهزله الاستيراد وجشع المستوردين بالاضافة الي ان هذا سيعمل علي اعادة عمل المصانع المصرية وتشجيع منتجات بلدنا. نسبة العنوسة وتري د.هند فؤاد استاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية بان سوق الثلاث والموسكي بالعتبة كان ملجأ لكل الأسر البسيطة لتجهيز بناتهم ولكن الأسعار ارتفعت بشكل كبير خلال الشهور الماضية وبالتالي اثر بشكل كبير علي جهاز العرايس، مضيفة بان ذلك سيزيد من طول فترة الزواج وسيكون عبء مضاعف علي دخل الأسرة المقبلة علي تجهيز بناتها مما سيقلل الدخل بكل تأكيد، واكدت فؤاد ان الطبقة المتوسطه ستهبط الي الشريحة الأولي من طبقة الفقراء وسيقلل من فرص الزواج فزيادة الأسعار عامل من العوامل المؤثرة في ارتفاع نسبة العنوسة.