بدلاً من تشجيع الاقتصاد غير الرسمي علي الشروع في خطوات للإندماج في الاقتصاد الرسمي عن طريق حلول غير تقليدية تتخطي التعقيدات الحكومية والروتين وتتجاوز مصاعب منح التراخيص... نجد ان تقارير الغرف التجارية تشير إلي زيادة الأنشطة العشوائية التي تعمل بشكل غير رسمي إلي ان بلغت حوالي ستين في المائة من إجمالي حركة التجارة والصناعة. كذلك يكشف تقرير لمعهد التخطيط القومي ان حجم التعاملات في الاقتصاد غير الرسمي تتراوح بين 1.2 و 1.6 تريليون جنيه! وهذا الاقتصاد غير الرسمي هو ما يطلق عليه أحياناً الاقتصاد الموازي أو الخفي أو الباطني أو غير المنظم أو غير المنتج أو اقتصاد الظلام أو.. السوق السوداء. وثمة تقديرات بأن الأسواق العشوائية تضم 18 مليون منشأة، بينها 40 ألف مصنع يمارس نشاطه في أماكن غير مرخص بها، وبأن 9.8 مليون عامل يشتغلون في هذا القطاع غيرالرسمي بينهم ثلاثة ملايين من الباعة الجائلين والأطفال الذين لا تقل تعاملاتهم عن 30 مليون جنيه. وتشير الأرقام إلي ان حجم تجارة »بير السلم» وصل الي 75 مليار جنيه سنوياً حتي عام 2015، وأنه يوجد 1999 سوقا عشوائياً في 230 مدينة بالمحافظات والمعروف أن 92٪ من منشآت القطاع غير الرسمي تعتبر مشروعات فردية، يعتمد 54٪ منها علي التشغيل اليدوي. لماذا تثير هذه الأرقام القلق؟ لأن الاقتصاد غير الرسمي يهدر خمسين في المائة من حصيلة الضرائب ورسوم تراخيص المنشآت الصناعية والتجارية مما يعني ضياع مليارات الجنيهات من موارد الدولة سنوياً بسبب التهرب الضريبي والجمركي، وهي مليارات كان من شأنها تقليل العجز المزمن في الموازنة. كما أن هذا الاقتصاد غير الرسمي يؤدي إلي إضعاف قدرة الاقتصاد الرسمي علي المنافسة، لأن مصانع بيرالسلم تعتمد علي السلع المهربة، مما يشكل تهديداً للاقتصاد الوطني، حيث أن الاقتصاد غير الرسمي يهدف الي الربح السريع دون التزام بأية اعباء مالية، سواء تأمينية أو ضريبية، ويمارس انشطة لا تخضع لرقابة حكومية ولا تدخل في حسابات الناتج القومي الإجمالي، حيث تولد وتتكاثر مصانع مجهولة المصدر وشركات غير مرخصة وسلع لا تتفق مع المواصفات القياسية، وبلا رقابة صحية علي منتجاتها الغذائية، كما تنشأ أسواق بكاملها خارج سيطرة الاقتصاد. والعاملون في تلك المنشآت محرومون من التأمين الصحي والمعاش والاجازات المرضية، والحق في أجر إضافي عن ساعات عمل إضافية، وهم معرضون للطرد بلا سابق انذار ودون تعويض وبإيجاز، فإنهم بلا حقوق أو حماية اجتماعية في ظل غياب قوانين العمل. واستمرار هذا التوسع السرطاني للاقتصاد غير الرسمي يؤثر سلباً علي الوضع الاقتصادي ويعرقل مهمة ضبط الأسواق. كلمة السر: لا مكان للعشوائية