الصورة طبق الأصل: زحام علي ابواب مغلقة لمكاتب التموين.. وموظفون انشغلوا بتبادل الحديث فيما بينهم عن حياتهم الخاصة.. ومواطنون يحرقهم غلاء الاسعار ويقتلهم روتين الحكومة.. يقف بالعشرات يوميا في طوابير تمتد لساعات لانهاء الإجراءات اللازمة لحصولهم علي البطاقات الذكية التي تغابت معهم.. يأتون منذ الصباح الباكر لحجز أماكنهم أمام الابواب الحديدية المغلقة بالاقفال والجنازير.. يتسابقون من أجل الوصول للموظف »المتعالي» في شباكه »العالي »،ويكون نصيبهم حتي لو وصلوا له هو »الدوخة» والجري »كعب داير» بين المكاتب من أجل تلك » البطاقة الغبية»!! تلك هي الصورة التي رصدناها بلا أي رتوش من خلال جولة ميدانية علي عدد من مكاتب التموين، ففي مكتب المنيرة الغربية، كانت الحاجة مني عبد اللطيف 54 سنة » تتحدث مع نفسها وهي في ذهول: بطاقة التموين اتسرقت من ابني أمام بيتي بمنطقة إمبابة».. وشكوت لمكتب التموين منذ اكثر من 3 سنوات لاستخراج بدل فاقد، ولم أحصل عليها وتم ضبطها بعد حوالي عام ونصف مع عدد من بطاقات التموين بقسم شرطة السيدة زينب واستلمتها، كان قد تم وضعها في القائمة السوداء للبطاقات الذكية، وبالتالي لا يمكن إستخدامها في صرف المقررات التموينية، ومنذ 3 سنوات وأنا »تائهة» بين مكاتب التموين الرئيسية والفرعية لاستلام بطاقتي، و»حائرة »بين موظف يقول لي »طلعت يا حاجة في مكتب المنيرة»، وموظف المنيرة يرد: مفيش حاجة وصلت باسمك.. ارجعلهم يا ماما المكتب الرئيسي »، ومازالت تقف يوميا في الطابور لساعات لتسمع في النهاية عبارة واحدة » مفيش بطاقة باسمك يا حاجة».. أما نهي شعبان فهي تبحث منذ 6 أشهر عن حق والدها المريض في صرف مقرراته التموينية.. تقيم في منطقة روض الفرج ومسكن والدها تابع لمكتب تموين المنيرة الغربية، وكلما ذهبت لبقال التموين يقول لها : »البطاقة مش شغالة.. ارجعي للمكتب الرئيسي »، فتذهب إلي مكتب المنيرة يوميا وتقف بالساعات في الطابور لتجد نفسها في النهاية أمام جملة واحدة تسمعها مع موعد انصراف الموظفين» ورقك لسة مجاش عندنا».. وأمام مكتب تموين إمبابة اخترنا قصة هدي عبد الباسط 33 سنة، فهي أرملة توفي زوجها منذ 4 سنوات ولديها ابنتان في مراحل التعليم، ذهبت لاستخراج بطاقة التموين لكي تساعدها في تحمل عبء اسرتها بعد انهاء جميع أوراقها وسلمتها للموظف، وفوجئت بعد ترددها علي المكتب اكثر من مرة علي مدار عدة اشهر، بأن الموظف يطلب منها تجهيز ورقة تفيد بأنها لم تتزوج مرة أخري بعد وفاة زوجها مما أثار دهشة المواطنين، ولم تستلم بطاقتها حتي الآن بسبب هذه الورقة »العجيبة».. وأمام مكتب الزاوية الحمراء كانت هيام نبيل 33 سنة ربة منزل تقوم بعمل »بدل فاقد» للبطاقة الذكية التي تحصل من خلالها علي تموين شخصين، كانت تعتقد في البداية ان الموضوع بسيط، ولكنها فوجئت بالطوابير الطويلة وموظفين كلما زهقوا من تدافع الناس وطلباتهم أغلقوا الشباك، ويقولون لمن ينتظرون الفرج تحت الشباك » ملكمش عندنا بطاقات».