شباب يتزلجون علي أرضيات واسعة، يرتدون ملابس مختلفة وخوذات حديدية ملونة بشكل مبهج، ويشكلون حلقات كبيرة تتطاير في الهواء باستخدام عجلات »الباتيناج».. فتيات وأولاد يصحبون الحيوانات الأليفة الخاصة بهم ويتنزهون معها في هدوء تام، والبعض الآخر اختار ان يلعب كرة القدم، فيما يتخلل المكان مساحات خضراء تلعب فيها الحيوانات الأليفة وتتعارف فيما بينها ترقبهم عيون أصحابها الذين اصطحبوهم للتنزه معهم. هكذا كان المشهد المشهد أمام مبني مجمع التحرير الضخم العملاق في ميدان التحرير، الذي تم انشاؤه في عهد الملك فاروق عام 1951، وشهد الكثير من الأحداث وامتلأ محيطه برائحة التاريخ وشخصياته،فقد اعتاد أن تشهد أبوابه العديد من الوزراء والشخصيات العامة وكبار الموظفين وأصحاب المصالح، وضمت جدرانه جميع المصريين منذ انشائه، حتي وصل إلي حالة تكدس لم يشهدها من قبل خلال السنوات الأخيرة، فتقرر اجلاء جميع المصالح الحكومية منه إلي اماكن اخري،وأصبحت ساحته الواسعة خالية علي عكس ما اعتاد عليه دائمًا عبر قرون طويلة.. استغل الشباب هذه الساحة وأحالوها إلي قطعة من أوروبا بعد أن استغلوها بشكل حضاري، وحولوا الأرضية الخاصة بالساحة إلي مكان لمزاولة رياضة الباتيناج،فهي ساحة ضخمة تشبه تلك الموجودة في المراكز التجارية الضخمة والتي يدفع فيها الواحد منهم مئات الجنيهات في الساعة الواحدة من اجل الاستمتاع بتلك الرياضة، وأصبحوا يتجمعون يوميًا بداية من الساعة 4 عصرًا وفي الإجازات من اجل الاستمتاع بهواياتهم المفضلة. يوسف هشام، في الثانوية العامة، اعتاد منذ عدة اشهر الذهاب إلي ساحة مجمع التحرير لممارسة رياضة »الباتيناج» ،فقد استهوته منذ ان كان في الابتدائية، وكان يتمني تعلمها وشراء الأحذية الخاصة بممارسة تلك الرياضة،إلا ان والدته كانت تخشي عليه من السقوط والتعرض لكدمات او كسور خاصة مع صغر عمره، وعندما وجد اصدقاء له يذهبون إلي ساحة مجمع التحرير ويلعبون معًا، قرر شراء حذاء ادخر ثمنه من مصروفه الخاص، وسعر التقليد منها يتراوح بين 300 و500 جنيه أما الأصلية فيتعدي الألفي جنيه، وأتقن يوسف هذه الرياضة بعدما كان يذهب في نفس الساحة ليتدرب مع زملائه . اما ندي اسماعيل، ابنة المرحلة الإعدادية، فتؤكد لنا أن هذه الساحة بالإضافة إلي ساحة عابدين هما الأشهر والأفضل علي الاطلاق، وترحمهما من استغلال اصحاب المراكز التجارية الكبيرة التي تخصص ساحات التزحلق ب 150 و200 جنيه في الساعة الواحدة وأحيانًا تتعدي المبالغ هذه الارقام، لذلك اصبحت تذهب إلي هناك وتساعد اصدقائها كي لبدء تلك الرياضة الممتعة،كما تلفت ندي إلي أن اصدقاءها ايضًا يمتلكون كلابًا خاصة بهم بأنواع مختلفة،ويحضرون معها في المساء للتنزه معها وللترفيه عنها،وكما تقول فالمكان آمن ومناسب تماما،لاحتوائه علي مساحات مزروعة وأخري »سيراميك» يمكنهم من اللعب مع حيواناتهم الأليفة بالكرة والجري وغيرها من ادوات الترفيه. ويؤكد لنا محمد اسماعيل، 15 عامًا أنه اصبح محترفًا في لعبة التزلج من خلال التدريب في ساحة مجمع التحرير، ويصفها بأنها من أفضل الأماكن التي يذهب إليها لممارسة رياضته المفضلة، وناشد المسئولين بالاعتناء بهذا المكان والتوسع فيها كمساحة جمالية وكمكان مجاني يمكن الاستمتاع فيه بأقل الإمكانيات، خاصة للشباب الذين يرفهون عن انفسهم بوسائل بسيطة، بعيدًا عن الأماكن التجارية والربحية.