كنت طفلا عندما ذهبت مع أبي ذات يوم إلي عمله فأشار أبي وهو يحدثتي إلي رجل وسيم ذي طلة مبهجة وتملؤه سعادة تظهر عليه، وقال : تخيل أن هذا الرجل متزوج من امرأة تعاني من حوَلَ في العين، فقلت متعجباً : كيف له أن يفعل ذلك ؟! أجابني أنه تحدث معه في هذا الأمر وأخبره أنه يشتهي المرأة التي تعاني من الذي يظنه البعض أنه عيب، وأكمل أبي: إن الله خلق هذه المرأة بهذه الهيئة وخلق لها من يحبها علي هيئتها، واستدل علي كلامه بمثل شعبي »لكل فولة كيال» ظل هذا الحديث في ذاكرتي إلي أن امتلأ صندوق خبراتي قليلا وأدركت أن من الجمال قبيحا، ومن القبح جميلا، ومن أدرك الفرق حاز الجمال كله. التمسوا الجمال من حولكم فستجدونه في كل شيء، دون الحكم علي الأشياء مسبقا أو الأخذ بحكم السابقين الذين اقتربوا منه ولم يدركوه وزادت خيبتهم، وقد تجدون الجمال في لحظات اليأس الأشد قتامة، اقتربوا أكثر من الأشياء القبيحة لعل بداخل كل منكم قدرة خاصة علي اكتشاف الجمال وهذا قد لا نجده في الأشياء الجميلة .. ابحثوا عن الجمال حتي إذا تطلب منكم الأمر الرحيل أو العودة، الحب أو الكره، القرب أو البعد، التمسك أو الاستغناء، المقاومة أو الاستسلام، افعلوا كل هذا وأكثر وتذكروا دائما أنكم وكل ما حولكم وفوقكم وأسفل منكم صُنع جميل يحب الجمال.