كان نموذجاً رائعاً للصحفي النبيل أمانة وخلقاً وعفة لسان وأدب جم، والاحترافية المهنية. لقد عمل معي عن قرب خلال مراحل حياتي الصحفية وتوالي مسئولياتي في جريدة »الأخبار«. كان يحترم نفسه ومهنته في كل تعاملاته، يتسم أداؤه بالحماس والإخلاص والبعد عن الابتذال والإسفاف.. تجنب طوال مشواره الصحفي الذي امتد علي مدي 53 عاماً البعد عن أي سلوك يراه ماسا بكرامته. كان قنوعاً ولا يميل إلي التجاوز أو الإلحاح في أي طلب حتي إذا كان يستحقه. أضفي صفة الشفافية علي كل الأعمال التي كُلف بها خاصة في مجال تغطيته للشئون العربية رغم ما يتسم به من حساسية. تميزت علاقاته في هذا المجال بالاعتزاز والحرص علي كرامته وولائه وانتمائه لأخبار اليوم. كنت في بعض الأحيان أشعر بأنني أقسو عليه وأنني لا أعطيه ما يستحق من التقدير الواجب ولكنه كان يشعر بأنني أحبه وأُقدره وهذه حقيقة. كانت تربطني به علاقة إنسانية قوية تجعله يأتي إلي مكتبي من وقت لآخر »ليفضفض« ويحكي لي عن بعض ما يواجهه ويتعرض له في حياته المهنية أو الخاصة. سألني عندما تقرر إجراء انتخابات أعضاء مجلس الإدارة في المؤسسة عن رأيي في الترشيح.. قلت له إن خوض هذه الانتخابات ليس عملية سهلة علي ضوء المناورات والممارسات والتربيطات غير الأخلاقية وهي سلوكيات أعلم أنك لا تجيدها.. ورغم هذا لم أعارض رغبته علي أمل أن يكون لدي الناخبين الصحفيين الوعي الكافي لاختياره ولكن لسوء حظ مجلس إدارة أخبار اليوم فإنه لم يوفق. نعم لقد كانت صدمتي كبيرة في رحيل التلميذ والزميل والصديق بدر الدين أدهم. في هذه المناسبة الحزينة الباكية ليس هناك ما يقال سوي إن مهنة الصحافة قد فقدت فارساً نبيلاً.. ولكن الموت نهاية كل حي. وإنا لله وإنا إليه راجعون.