من رحم المعاناة تأتي النفحات والانفراجة ويخرج الأمل والحلم، وفي المنح الشدائد تظهر معادن الفرسان والابطال، والزمالك ونجومه وجهازه الفني ومسئولوه سطروا بطولة خاصة علي جدران ذاكرة الكرة المصرية والنيجيرية ونجحوا في تحويل الصعوبات والأزمات إلي أدوات إيجابية وترجموا المجهودات المبذولة من رئيس النادي المستشار مرتضي منصور إلي نجاحات وعادوا من أقصي جنوبنيجيريا وبالتحديد من مدينة بورت هاركورت الصامتة والعجيبة باغلي ثلاث نقاط بعد احرازهم فوزا ثمينا ومستحقا علي انيمبا العملاق علي ارضه ووسط جمهوره المهووس به بهدف نظيف للمهاجم المشاكس والقناص والممتع عندما يعود باسم مرسي في واحدة من أصعب المواجهات التي زاد من صعوبتها الأجواء الإجبارية وحالة الشد العصبي التي عاشتها البعثة بعد أن هطلت الامطار بغزارة وكانت أشبه بسيل تهز رخاته جدران الملعب الذي تحول إلي بركة من المياه.. نجوم الزمالك كانوا أبطالا بكل ما تحمله الكلمة من صمود وتضحية وثبات في حلبة المنافسة، والجهاز الفني كان علي مايرام بقيادة الخلوق والعائد محمد حلمي المدير الفني ولا يمكن أن ننسي الإشادة بالدور المحوري لثنائي العمليات الخاصة أيقونة البعثة المهندس هاني زاده عضو مجلس الإدارة ورئيس البعثة والمشهود له بالخبرات الإدارية والثبات في إدارة الأزمات والكابتن اسماعيل يوسف رئيس قطاع الكرة. كانت ليلة من ليالي العمر التي تجلي فيها الفرس الأبيض وأعاد إلي ذاكرة عشاقه السنوات التي كانت افريقيا بالنسبة له بطولة محلية يحرزها عندما يريد، الزمالك هزم انيمبا في بركة مياه وتحت اصوات الرعد والبرق وبعد عناء رحلة طويلة استغرقت أكثر من 10 ساعات، حقق الزمالك المطلوب منه دون ان يسافر بطائرة خاصة وبدون عيشة رغدة ووسط أجواء أمنية متوترة وفي غياب اشرف سلامه سفير مصر بنيجيريا الذي تجاهل البعثة تماما وتلخص دور الخارجية المصرية في وجود القنصل فادي مهدي الذي بذل كل ما في وسعه واستحق برقية شكر قدمها له هاني زاده بعد المباراة. قدم الزمالك واحدة من أروع مبارياته وأكل الجو واستحق التحية والإشادة من كل المراقبين للأحداث وحصد 3 نقاط غالية وفتح الطريق نحو مروره إلي دور الأربعة بدوري ابطال افريقيا لكرة القدم، وكان مرتضي منصور عند حسن ظن اللاعبين به، ولم يبخل علي لاعبيه الأبطال بمنح كل لاعب مكافأة إجادة ألف دولار بعد دورهم البطولي وهو الرجل الذي صرف لهم ستة ملايين جنيه مستحقات مالية قبل أن يغادروا مطار القاهرة، مكافأة مرتضي منصور جاءت عبر هاتف هاني زاده الذي فتح «الاسبيكر» للاعبين وكان المشهد رائعا ولافتا للنظر عندما قال مرتضي لزاده علي الاسبيكر واللاعبون يترقبون القرار: كم تقترح اجادة للاعبين.. أجاب زاده 500 دولار.. فرد مرتضي اصرف لكل لاعب ألف دولار دول رجالة. وهنا تعالت اصوات اللاعبين بكلمات الشكر لرئيس النادي الذي تحول إلي أب روحي لكل اللاعبين. وبعد إطلاق الحكم صافرة النهاية احتفل الجهاز الفني واللاعبون في وسط الملعب بالرقص والغناء وتبادل قبلات التهاني واختتمت فرحتهم بقراءة الفاتحة و المعوذتين كنوع من الشكر إلي الله علي توفيقهم في هذه المهمة المستحيلة.. واستمرت افراح اللاعبين واحتفالاتهم في الأتوبيس الذي اقلهم من الملعب إلي فندق الإقامة الذي شهد احتفالية أخري لعشاق الزمالك من الجالية المصرية بقيادة كبيرهم مايكل تاوضروس الذي رافق البعثة وسهل مهمتها في عدد من العقبات التي واجهتها.