أخيرا قال الجيش والحكومة إننا نواجه »ثورة مضادة« تعمل لإثارة الفتنة وزعزعة الأمن وتعطيل الإنتاج وادخال البلاد في حالة من الفوضي. منذ انتصار الثورة وسقوط النظام السابق، والصرخات تتعالي من تحركات الثورة المضادة ونشاط فلول النظام الذي أسقطته ثورة الشعب، والذي تصاعد مع تشكيل حكومة عصام شرف الذي أعلن من قلب ميدان التحرير أن مصدر شرعيته هو الثورة. كان ذلك اعلانا بأن فترة التردد قد انتهت مع سقوط الحكومة السابقة، وأن من سيدير الأمور في هذه الفترة الحاسمة هو حكومة الثورة تحت مظلة جيش كان شريكا أساسيا في الثورة وحاميا لها في لحظات الحسم.. ومن الطبيعي مع هذا التطور المهم أن تضاعف فلول النظام السابق من نشاطها المعادي للثورة والذي لم يتوقف أبداً منذ اندلاع الثورة، وطبيعي أن تكشف الثورة المضادة عن وجهها القبيح، فلا تكتفي بتعطيل الإنتاج، ولا بإشاعة الرعب في غياب الأمن، ولا باستباحة مؤسسات الدولة وإضاعة هيبتها، وإنما تصل في النهاية إلي الخط الأحمر بإثارة الفتنة الطائفية بصورة لا يمكن أن تخطئ العين انها بفعل فاعل حقير لا يهمه تدمير الوطن في محاولة اجهاض الثورة. رئيس الوزراء عصام شرف وهو يعلن بدء المواجهة الحاسمة لفلول الثورة المضادة، روي علي شاشات التليفزيون في لحظات إنسانية عن مسلمين حدثوه من الكعبة المشرفة لينقلوا دعواتهم هناك من أجل نجاح الثورة، وعن مسيحيين يوقدون الشموع يوميا لكي يبارك الله مصر وثورتها. وهي ليست مشاعر فردية ولكنها مشاعر الملايين من المصريين وأيضا من العرب الذين افتقدوا مصر لسنوات طويلة. ولكن السؤال الذي لابد أن يجد عصام شرف اجابته ويضعها أمامنا بسرعة ووضوح هو: من الذي يطفئ الشموع ويقود الثورة المضادة؟ إن استعادة الأمن والاستقرار والعودة للإنتاج ترتبط بالاطمئنان علي مصير الثورة، وبضرب فلول النظام السابق وسد كل الطرق في وجه الثورة المضادة التي لم تستسلم إلا عندما تري قادتها في يد العدالة، وتشاهد معنا محاكمة كل من أطلقو الرصاص علي الشباب المسالم، ومن تسببوا في انهيار الأمن، ومن يتآمرون لتعطيل الإنتاج ومن يعملون لاشاعة الفوضي، ومن يثيرون الفتنة ويحاولون تدمير الوطن. حماية الثورة من مؤامرات أعدائها هي المهمة الأولي للشعب والقيادة والثورة المضادة لن تتوقف إلا إذا أدركت أن الحساب رادع وسريع لكل من ارتكب جريمة في حق الوطن، وأنه لا مكان ولا مستقبل لفلول نظام أسقطه الشعب، وتحاول يائسة إطفاء شموع الثورة لتنقذ ما تبقي من خفافيش الفساد والاستبداد.