لان خفة دم الشعب المصري البطل مضرب الامثال فان نكتة "الراجل اللي واقف ورا عمر سليمان" يمكن ان تتحول الي مسلسل كوميدي تليفزيوني ناجح أو مسرحية من بطولة "الكومبارس اللي واقف ورا عادل امام" من دون ان ينط أحد ليزعم ان ذلك يسئ الي الثورة المجيدة. وأمسك الاشقاء الثائرون في ليبيا بخناق هذا "الراجل" المحترم حقاً وحقيقة وحولوها علي الطريقة المصرية المفضلة الي "التوك توك اللي راكبه القذافي" و"الشمسية اللي حاملها القذافي" و"الزنقة اللي حكي عنها القذافي". لكن "زنقة" القذافي ليست مثل "زنقة" زين العابدين في تونس و"زنقة" مبارك في مصر. فالرجلان يُحسب لهما, وهما الآن خارج السلطة، انهما احترما ارادة الشعبين التونسي والمصري ورحلا وان كان ذلك متأخراً بعض الشيء. الا ان القذافي أعلن بالصوت والصورة انه سيشن حرباً لا هوادة فيها علي الشعب الليبي الاعزل, أو من وصفهم بالجرذان والحشرات، ولن يتنازل عن كرسي السلطة حتي وان ضحي بآخر رجل وامرأة في ليبيا. ولهذا المهووس مثال سييء آخر في بغداد، حيث يحتمي نوري المالكي بالمنطقة الخضراء وقوات الاحتلال الامريكي والميليشيات التي أسستها ودربتها ومولتها ايران الملالي للاستمرار في السلطة رغم فشله في الانتخابات البرلمانية وفوز القوي العلمانية والديمقراطية. وقد قال في تسجيل تليفزيوني منتشر علي شبكة الانترنت انه بعد ان تسلم الحكم لن يتركه أبداً! ومعه حق في ذلك فهذا الرجل، معلم المدرسة الريفية البسيط الذي فرّ الي ايران ثم سوريا خشية من بطش النظام العراقي السابق عقب قيام حزب الدعوة الذي ينتمي اليه المالكي بمحاولة اغتيال فاشلة لصدام حسين، لم يكن يملك في حي السيدة زينب في دمشق سوي "بسطة" علي رصيف الشارع يبيع فيها السبح اليدوية والخواتم الخاصة بالاخوة الشيعة. وتطور الأمر بعد ان فتحها الله عليه فافتتح مطعماً للكوارع في نفس الحي! وهو لم يكن يحلم بأكثر من ان يصبح مديراً للتربية في المحافظة التي ولد فيها وهي الحلة. لكن ماذا نفعل مع شخص أحمق جاهل مدمن وهو الرئيس الامريكي السابق بوش الذي "حرر" العراق من صدام وأهدي بلاد الرافدين علي طبق من ذهب الي خامنئي وأحمدي نجاد لينصبا المالكي حاكماً علي العراق عبر ديمقراطية الفتاوي الدينية الطائفية التي لا تناقش؟ والمالكي اليوم يمتلك خزينة العراق كلها, وتحت تصرفه مليارات الدولارات يصرف منها ما يشاء بدون ايصالات أو رقابة. بل ان ابنه الكبير أحمد يبعثر ثروة العراق النفطية في الملاهي وصالات القمار في الخارج ومزادات دبي ولندن وسماسرة العقارات والفنادق في أي مكان في العالم! لقد وصلت نسمات الحرية من تونس ومصر، وخاصة من مصر، الي كل مدينة وقرية في العراق. من كان يصدق ان النجف وكربلاء وهما معقلا حكام العراق في ظل الاحتلال ستشهدان غضباً جماهيرياً يكتسح شوارعهما للمطالبة بتغيير النظام الفاشي الفاسد في المنطقة الخضراء؟ لقد اضطر المالكي الي فرض حظر التجول بالسيارات والدراجات الهوائية في معظم المحافظات العراقية وفي مقدمتها بغداد, وأغلق الجسور والميادين وقطع موقعي الفيس بوك والتويتر لمنع التواصل بين الغاضبين في مختلف المدن العراقية ومنع جميع وسائل الاعلام من نقل أو تسجيل مظاهرات الغضب, والنكتة الحقيقية هي ان المالكي لجأ ايضاً الي الاعلان بان يوم الجمعة سيكون يوم عمل في الدوائر والمؤسسات والمصانع العراقية وان المتغيبين عن العمل سيتم فصلهم لمنع التحاقهم بالمتظاهرين! لقد لجأ المالكي الي قوات مكافحة الشغب, وهي قوات من المرتزقة والبلطجية ترتبط بالمالكي شخصياً وأصدر أوامره اليها بالنزول الي الشوارع بكامل أسلحتها وقيافتها التي تشبه قيافة رجال الفضاء لتتصدي بقوة مفرطة للمتظاهرين العزل وتقتل بالرصاص الحي عدداً منهم وتعتقل المئات بموجب قانون مكافحة الارهاب. وللأسف فان هذه القوات تلقت تدريباتها للبطش بالمدنيين والمقاومين علي يد حبيب العادلي وجلاوزته الذي زودها بأفضل ما لديه من أسلحة وخطط قمعية! لقد كتب القدر علي العراقيين ان يخوضوا حروباً متصلة في ظل النظام العراقي السابق ويعيشوا تحت وطأة حصار دولي قاس، ثم يرزحوا تحت نير احتلال امريكي علني واحتلال ايراني سري وارهاب حكومة طائفية عنصرية فاسدة. وأخيراً.. فان بعض الزملاء في الاعلام المصري يضع بعض مساوئ النظام المصري السابق علي كتفي المذيع اللامع محمود سعد لأنه يأخذ عن عمله عدة ملايين من الجنيهات سنوياً. وبدوري أقول: ان الملايين التي كان يأخذها المذيع محمود سعد هي سبب مأساة العراقيين والاحتلال الامريكي وفساد نوري المالكي.. فلا تحزن يا أخي محمود سعد!!