مهما رويت أو حكيت فلن أستطيع أن أعطي السفير السعودي أحمد قطان حقه كاملا كمحب لمصر وللمصريين.. وكيف نجح في تجسيد مشاعرنا قبل زيارة خادم الحرمين إلي مصر؟.. كان الرجل حكيما في التغطية الإعلامية لهذه الزيارة حتي وصفها الإعلام بالزيارة التاريخية التي لم يشهدها حاكم عربي جاء إلي مصر.. أحمد قطان كسفير نجح في موقعه.. أما حكومتنا فقد فشلت بسبب بيان أعلنته علي عامة الشعب خرج مشوها للمعني الجميل لزيارة خادم الحرمين لمصر وكأن الرجل قد جاءنا ليطلب استرداد جزيرتي " صنافير وتيران " مع أن زيارته لا علاقة لها بالجزيرتين بدليل الوفد الاقتصادي الكبير الذي كان يصحبه من رجال المال والأعمال السعوديين والذين جاءوا مع خادم الحرمين لينشروا الحب والخير علي أرض مصر... - لا يختلف معي أحد علي أن زيارة خادم الحرمين الشريفين كانت عشرة علي عشرة وبعبارة أصح كانت زيارة العصر لأنها كانت ضربة موجعة للكارهين لمصر.. الشئ الذي نال من هذه الزيارة هو بيان مجلس الوزراء المصري الذي خرج علينا مثل الريح وبدون مقدمات وراح يعلن أن جزيرتي " صنافير وتيران " هما خارج الخط الملاحي لمصر وأنهما جزيرتان سعوديتان، ولا أعرف لماذا اختار مجلس الوزراء هذا التوقيت، وهل كان المجلس مطالبا من جانب الحكومة السعودية أن يعلن هذا البيان في بدء زيارة خادم الحرمين لمصر.. - من الواضح أن مجلس الوزراء قد تصرف بغباء ويبدو لأن رئيسه يفتقد الحس الإعلامي مع أنه كان في مقدوره أن يمهد قبل بدء الزيارة بشهور ويشير إلي طلب الحكومة السعودية علي إعتبار أن هناك اجتماعات عمرها سنوات وأن الدراسات امتدت إلي وضع الجزيرتين وكان في استطاعة مجلس الوزراء أن يجيد الإخراج وهو ينتهز فرصة أول زيارة رسمية لعاهل المملكة الملك سلمان بن عبد العزيز إلي مصر ويعلن عما انتهت إليه اللجان المصرية التي جمعت بين الخبراء العسكريين والمدنيين.. صدقوني إن هذا السيناريو كان من الممكن قبوله عن عنصر المفاجآت طالما أن هذه اللجان لديها حجج ومستندات.. - لكن كون أن يربط مجلس الوزراء الزيارة التاريخية لخادم الحرمين برفع مصر يدها عن الجزيرتين.. هذا هو اللامعقول لأننا أساسا لم نتوقع هذه المفاجآت وبغير مقدمات مع أننا لم نسمع بأن هناك شروطا من جانب الحكومة السعودية سبقت الإعداد للزيارة كل ما سمعناه ورأيناه تحركات السفير السعودي أحمد قطان الذي أبدع في نقل صورة أمينة إلي حكومته عن مشاعر الحب في الشارع المصري وكيف ينتظر المصريون الزيارة.. ولذلك كان السفير موفقا فيما أعلنه بأن خادم الحرمين يحمل معه مفاجأة إلي مصر.. وقد كانت المفاجأة هي إعلانه عن الجسر البحري الذي سيربط البلدين وحزمة المشروعات الاستثمارية الضخمة التي جمعت بين المستثمرين السعوديين والمصريين.. إلي جانب سلسلة الاتفاقيات بين الحكومتين.. طبعا لم يتوقع أحد أن حجم الاستثمارات سوف يصل إلي 60 مليار جنيه.. - ما أروعك يا قطان فقد كانت الفرحة تطل من عيونك وأنت تري نجاح أول زيارة رسمية لخادم الحرمين لمصر.. هذه الزيارة كان مقررا لها أن تبدأ بعد رحلة الملك إلي أمريكا في العام الماضي وتأجل الإعلان عنها لسفر الملك إلي المغرب ووجدها أهل الشر فرصة للوقيعة بين مصر والسعودية، وللحق لقد كان قطان هو الرجل الوحيد الذي لم يتوقف عن التحرك السياسي ليرد علي هذه الشائعات، مع أن كثيرين يعرفون عني أنني أختلف كثيرا مع هذا الرجل وفي بعض الأحيان لم يعجبني فيه " مووووده " لكن يوم أن تأتي الشهادة لابد أن أكون منصفا أمام الله وأعطيه حقه كسفير فالرجل يتمتع بشفافية ونقاء وهو بالفعل خير من يمثل خادم الحرمين علي أرض مصر وقد نجح في المواقف الصعبة.. - علي أي حال بيان وزير الخارجية سامح شكري كان كافيا فقد أوضح الرؤية للرأي العام وهو في داخله قناعة بأن الجزيرتين سعوديتان، مع أن موضوعهما لم يكن مرتبطا بزيارة خادم الحرمين لمصر.. لقد استنكر وزير الخارجية موجة الغضب التي أثيرت عبر التواصل الاجتماعي والتي كان عنوانها أن مصر تخلت عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة.. أكد شكري أن الجزيرتين في الأصل للمملكة السعودية وحصلت عليهما مصر من أجل حمايتهما من إسرائيل عام 1950 مؤكدا أنه في عام 1990 صدر قرار جمهوري بتحديد حدود مصر وأن مصر لم تتقاض أي مقابل مادي عن حمايتهما.. .. تصريحات وزير الخارجية أو القيادة السياسية لا يمكن أن تحمل رائحة الخيانة والنظام الحاكم لن يفرط في شبر من أرض مصر لا من أجل عيون ملك ولا استجابة لبيان حكومي.. فمصر لن تبيع أرضها مقابل حزمة من المشروعات مهما كان حجم المليارات.. لأن الأرض عندها مثل العرض ومصر لن تبيع عرضها.. لذلك نترك هذه الأمور لمجلس النواب لأنه يمثل الشعب وعندما يقول كلمته تكون كلمة الشعب.. وكون أن تكون الحكومة هي سبب هذه الزوبعة فهذا هو طبيعي جدا لأنها تفتقد الحكماء فيها.. وكان في مقدورها الإعلان عن هذه القضية وشرحها للرأي العام قبل أن تبدأ الزيارة حتي لا يكون هناك رابط بزيارة خادم الحرمين لمصر.. وبين الجزيرتين.. والّا إيه.. - علي أي حال.. الكرة في ملعب مجلس النواب صاحب الكلمة وصاحب القرار..