هذه اللوحة لها جمالان.. جمال في رونق طلائها الزيتي الذي اخترعه حديثاً − في ذلك الوقت − فنانها الكبير ∩جان فان ايك∪ (1390 − 1441) فنان الأراضي الهولندية.. والجمال الآخر في تفاصيل اللوحة التي رسمها عام 1434 باسم ∩زواج أرنولفيني∪ وأرنولفيني تاجر إيطالي من بروجيزي طلب من الفنان أن يرسمه في صورة تخلد سعادته بزواجه من عروسه الصغيرة.. لكن بدت الصورة بلا أية ملامح للسعادة ليظهر بدلاً منها ملامح الهدوء المقرون بالاستسلام لريشة الفنان. ندخل اللوحة من إطارها الأسفل لنفاجأ بكلب صغير ملتصق بالعروس ينظر في دهشة لكنه كصاحبته المستسلمة للتصوير هكذا منذ خمسمائة وثمانين عاماً والتي تكاد كف يدها اليمني تسقط من كف يد عريسها.. مع دخولنا إلي خلفية اللوحة نلاحظ دقة الفنان الشديدة فمن أقصي يسار اللوحة يتسلل ضوء واهن خلال نافذة مفتوح نصفها السفلي أضاءت الحواف الجانبية للنافذة.. ورغم الضوء الخارجي الذي يضيء الغرفة نجد النجفة المعدنية المدلاة من السقف مطفأة الشموع فيما عدا شمعة واحدة مشتعلة بالقرب من جهة رأس العريس.. ونلاحظ إلي أسفل اللوحة يساراً فردتين خشبيتين (قبقاب) يبدو أنهما يخصان العريس الذي ارتدي عباءة غالية الثمن من الفراء والقطيفة.. كذلك ارتدت العروس أكثر من نوع من القماش أجاد الفنان إبرازه في فروق نكاد نستشعر فيها تعدد الملامس بين القطيفة والقماش المنسوج والفراء والدانتيلا وذلك لمهارته التي تجعله شديد الدقة في التعبيرعن طبيعة الخامات التي يرسمها مثلما نجد قدرته علي التعبير عن خامة الزجاج (المرآة) والمعدن (النجفة) والصوف (المفرش) والحائط في الخلفية وخشب الأرضية كما يبدو الفرق الواضح بين فراء الكلب وفراء روب العريس.. فالفنان ∩جان فان ايك∪ كانت له شهرة واسعة بأنه أفضل من أجاد التعبير عن طبيعة الخامات المختلفة في لوحاته ورغم تقليد الكثيرين لتقنيته إلا أنه لم يتفوق عليه أحد.. أما أجمل ملاحظة.. بل أروع ملاحظة في اللوحة والتي تكشف عن خفة روح الفنان ومشاكسته لزبون لوحته هو ما كتبه فوق المرآة في خلفية اللوحة وترجمته الحرفية هي: ∩جان فان ايك كان حاضراً∪ ∩Jan Van Eyck was present∪ فكأنه يوقع علي اتوجراف أو سجل تشريفات الحضور لإثبات أنه لم يأت راسماً فقط بل مشاركاً في المناسبة السعيدة والتي زاد من دقة ملاحظته ومهارته الفنية ما نراه منعكساً فوق المرآة المستديرة في الخلفية ∠ ولو استطعت الاستعانة بعدسة مكبرة ∠ ستجد المشهد كاملاً من الخلف منعكساً فوق تلك المساحة الصغيرة المحدبة للمرآة وستلاحظ إنحناءة شديدة لانعكاس النافذة في المرآة.. ولكن الطريف في العمل كله أنك ستجد شخصاً ثالثاً بين العروسين في المرآة.. ستجد جان فان ايك يرسمهما..