لمن المستقبل: لصناع السينما في »هوليوود« و»بوليوود« أم الذين يسهرون علي تطويع السينما لتمنح عشاقها أقصي درجات الامتاع عبر خيارات تتجاوز كل ما هو تقليدي، حتي بمعايير العقد الأول من القرن الحادي والعشرين؟ أي أحلام وأي توقعات سوف يحققها أو يفاجئنا بها من يُسخرون التقدم العلمي والتقني لصناعة السينما لتمنح المشاهدين القدرة علي فعل ما يريدون متي ارادوا أثناء العرض؟ مثلا لن يحتاج هواة مشاهدة الأفلام المجسمة »ثلاثية الابعاد« لاستخدام نظارات خاصة، فثمة كومبيوتر بمواصفات خاصة سوف يعرض صورتين معا علي الشاشة، الأولي للعين اليمني، والأخري لليسري! سينما المستقبل تتجاوز في خياراتها المطروحة أمام المشاهد عنصر الرؤية، إلي مزيد من العناصر التي تضفي المزيد من التفاعل مع العرض، فمثلا سوف تتم مغازلة حاسة الشم عبر اطلاق روائح سينمائية تجعل المشاهد جزءا مما يري، مشاركا للممثلين في استنشاق ذات الهواء المحمل بالنيكوتين أو الرائحة الذكية للفاكهة التي يلتهمونها أو للزهور التي تزين الغرفة! وثمة افكار تستهدف توسيع الدائرة، وصولا إلي شراكة ابداعية مع الجمهور بالنسبة لدراما السينما، فلن يقتصر أمر تلك التقنيات علي ما يتم عرضه من أفلام في قاعات العرض السينمائية، ولكن ثمة خطط ومساعي لتوظيف هذه المزايا، وتطويعها بحيث يكون متاحا انتاج أفلام بالتقنيات الجديدة تُعرض أو تُبث علي شاشة السينما والتليفزيون والفيديو والانترنت والمحمول في آن واحد، شرط ان تحقق -عبر مزاياها- ذات المتعة للمشاهد أيا كان موقعه. يعني ذلك ان عيون المطورين لن تقصر اهتمامها علي وسيلة واحدة، وانما ستكون ذات طموحات بلا حدود لتخترق كل الوسائل المعروفة، وربما تلك التي سيتم ابتكارها، ولم تبارح حتي الآن خيال مبتكريها، أو مازالت في اطوار التجريب. ملامح سوق الترفيه سوف تكون مختلفة تماما خلال عقدين أو ثلاثة علي الأكثر من الآن، مما يستدعي بالتالي تحولات جذرية تدخل علي كل العمليات الفنية المصاحبة، ليس فقط للمنتَج السينمائي، ولكن في آليات البث والاستقبال وصناعة الاجهزة، لتلائم هذا العالم الجديد. ولعل الرهان علي ثورة شاملة لا تستثني أي مرحلة من خط الانتاج -بمعناه الواسع- يضمن ألا تكون الموجات المتلاحقة من التقدم المأمول علي حساب أي شكل من اشكال الترفيه أو وسائل الاعلام حتي تلك الأكثر ارتباطا بالتاريخ! الأمر لن يقتصر فقط علي ما يرتبط بالتقنيات الفائقة الحداثة، ولكنه سوف يمتد إلي التكنيكات الابداعية، اذ تجري الآن أعمال تجريبية لكتابة سيناريوهات سينمائية متعددة النصوص، تسمح لكل مشاهد باختيار النهاية التي تروقه، عبر خيارات يستلزم تنفيذها اللجوء إلي استخدام تكنيكات في التصوير والاخراج والمونتاچ و... وكل عناصر العمل تتناسب مع طموح تحويل الاحلام إلي أفلام بمواصفات مختلفة تماما. ويمكن النظر إلي الرغبة المحمومة في تحويل التوقعات المتفائلة في عالم السينما من زاوية أخري، قد تتعلق بالصراع الأزلي بين وسائل الإعلام والترفيه، وسعي كل منها لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الجمهور، والمثير ان جميع المتنافسين قد يفضلون الرهان -في النهاية- علي ان تتكامل الادوار، بدلا من النهايات الميلودرامية التي تنتهي بقضاء احد المتنافسين علي غرمائه لينفرد وحده بالمشهد الأخير علي الشاشة!