خرجت الجماهير علي اختلاف أعمالها للبحث عن حقها المسلوب طوال السنوات العجاف مما يؤكد أن هذا الشعب الأصيل قد تحمل ما هو فوق طاقته، فثلاثون عاما ليست بالزمن القصير، عاني خلالها الشعب من الإفقار والتغييب والأمراض وكلها أوبئة تحطم أي كيان وتلقي به في غيابات الجب ولا تترك له مستقبلا أو حتي حياة يستطيع أن يكمل بها سنوات عمره. ولكن هناك فرق بين اثبات الحق وميعاد تسديد فاتورة هذا الحق وفي هذا المناخ يمكن لمن لا يرجون لمصر خيراً أن يزايدوا وينفخوا في النيران حول الثورة حتي تنفجر فتنقلب إلي ضدها وتعم الفوضي بدلا من الاستقرار وتعود بالخطوات الاقتصادية إلي الوراء فيزيد الضيق ضيقا. لهذا يجب علينا ترتيب الأولويات في ظل هذه الثورة الشبابية الجميلة حتي يجني الشعب ثمارها وتعود الحياة إلي رونقها الذي طالما حلمنا به ونستحقه. لقد أصاب المجلس الأعلي للقوات المسلحة حين دعا المواطنون للعودة إلي أعمالهم فلا يمكن أبدا أن نجني ثمار العمل ونحن في حالة اضراب أو اعتصام، ما سمعنا في الحياة ان السماء تمطر ذهبا لأن الناس قاموا بثورة لتطهير الأرض من الظالمين ولكن علمنا من آيات الله جل شأنه: »اعملوا آل داود شكرا« و »ولو أن أهل القري آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض«. والرزق لا يأتي بدون عمل وقال الله عز وجل: »وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون«، إذن علينا أن نعمل ونتمسك بحقنا في آن واحد، أما إيقاف عجلة الإنتاج والحياة اعتمادا علي مشروعية المطالب فيخرجنا من دائرة الثورة علي الظالمين إلي ظلم أنفسنا بأنفسنا فنهلك جميعا وتغرق بنا مركب الحياة، وسأضرب مثلا بسيطا جميلا قام به الشباب، فبعد ثورتهم السلمية وتحقيق أهدافها بإسقاط النظام وأركانه لم يتوانوا عن تنظيف وتجميل ميدان التحرير ودعوة كل الشباب لتنظيف الأحياء الأخري وتجميلها كما فعلوا.. هذا هو المنطق الصحيح لاستقامة الحياة.. العمل والاستمرار في المطالبة باسترداد الحقوق المسلوبة هذا من جانب المواطنين، أما بالنسبة للحكومة سواء الانتقالية الحالية أو المرتقبة مستقبلا، فيجب أن تضع في اعتبارها مجموعة أهداف مهمة لتعيد الثقة بينها وبين المواطنين الذين لم يشعروا حتي الآن باطمئنان كامل لأي حكومة: 1- جدول زمني لزيادة الأجور بما يتناسب مع ارتفاع الأسعار، وأن يكون هذا الجدول مرنا ولايقف عند حد معين. 2- القضاء علي فوضي الأجور، فليس من المعقول هذه الفجوة الشاسعة بين الناس وذلك بوضع حد أدني وحد أقصي للأجور، فلقد سمع الناس أن هناك في نفس المكان والزمان أناسا يتقاضون بضع مئات من الجنيهات وآخرين يتقاضون مئات الألوف وقد تصل إلي المليون وأكثر.. هل هذا معقول؟!. وللحدث بقية.. [email protected]