القصة ليست جديدةولكنها تتكرر كل بضع سنوات.. منذ أسابيع بدأنا نسمع عن قرية بالشرقية يقول أهلها أنهم يتعرضون لظاهرة غريبة -حيث تشتعل النيران في منازلهم بدون سبب كما يقولون!! وقبل أيام انتقل الأمر لبعض برامج التليفزيون، وسمعت خناقة تليفونية بين احد شيوخ الأزهر الشريف، وبين واحد كان قبل سنوات عضوا بمجلس الشعب ويقول إنه قادر علي التعامل مع الجن والعفاريت!! وكان الرجل يفسر الظاهرة بكل ثقة علي أنها من فعل واحد من الجن قد يكون متخفيا في صورةكلب أو قطة، وربما تعرض للأذي من أحدهم فقرر الانتقام!! وعندما يقال له إن الانتقام -بهذا الشكل- كبير.. يعلل الأمر بأن الجان الذي تخفي في هيئة قط أو كلب قد يكون أميرا أو من كبار الجان!!.. وبالطبع رد الشيخ الأزهري علي هذا الكلام، وكانت خناقة علي الهواء، وإهانة للعقل تكررت في برامج أخري!! لكن الأدهي أن الأمر انتقل من التليفزيون إلي القرية التي شهدت حوادث الحريق.. ووسط خناقات وانقسامات ذهب «قاهر العفاريت» إلي هناك ليقول إنه زار عددا من المنازل وقابل الجن الحقيقي، و«تفاهم» معه، وأن الجن شرح له القصة كاملة ووعده بعدم حرق المنازل بعد ذلك!! وأيضا رد رجال الدين هناك وقالوا ان هذا دجل وشعوذة، وطلبوا من أهل القرية مداومة قراءة القرآن الكريم لدفع الأذي. ونسأل: وأين الدولة من هذا كله؟ الشرطة عاينت ما حدث، والمحافظ أمر بتشكيل لجنة لحصر التلفيات. والنيابة علي وشك الانتهاء من التحقيقات لصرف التعويضات اللازمة كما قال محافظ الشرقية. والمهم أنه في كل ما حدث لم نسمع صوتا للعلم، ولا عن بعثةمن العلماء المتخصصين تبحث الأمر وتصل إلي الحقيقة، وتركنا الأمر للدجل والشعوذة من ناحية، ولمحاولة رجال الدين طمأنة الناس من ناحية أخري. وكأننا في عصور لاتعرف العلم، أو تخاف من التعامل معه! هل تستغرب بعد ذلك حين تطالعك بعض الصحف بأن العفاريت قد نقلت نشاطها إلي قريةأخري في نفس المحافظة. وأن الأهالي استغاثوا ب «قاهر العفاريت» لكنه اعتذر لأن البخور المخصوص قد نفد!!.. وإلي أن تصل الشحنة الجديدة من البخور ستكون قري أخري قد انضمت للمسلسل.. مادام العقل غائبا، والعلم هو آخر ما نتعامل معه أو نلجأ إليه!! ويبقي التساؤل : هل نغضب علي حال ريف مصر الذي لم يصل إليه العلم فوصل له السيد شمهورش؟! أم علي حال مؤسسات الدولة التي لاتتحرك إلا إذا وصل السيد شمهورش إلي العاصمة، وأعلن أنه ووزارة البحث العلمي.. إيد واحدة!!