منذ العام 5002 وجابهت مرارا ان فكرة الترقيع في الجسد الدستوري لا تحييه بل هي تدفعه للمضي وفق مسكنات وقتية ينتهي مفعولها ذات يوم، وها قد هلت الايام وهبت الثورة البيضاء، وتعطل العمل بأحكام الدستور، وأضحت الفرصة سائحة لاستنساخ دستور برلماني متكامل، يتم علي اساسه إعادة صياغة الحياة المصرية بكل جنباتها السياسية والتشريعية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية وتنتقل السلطة سلميا في ظل برلمان قوي وانتخابات نزيهة. غير ان الاجواء والاحوال والافعال اتت بالسفينة من اعالي البحار وسارت بها في مضيق محدد، فلم يعد امام الثورة إلا خيار التعديل في بعض احكام الدستور لتناسب المرحلة الانتقالية الراهنة رغم ما يطرحه ذلك من تساؤلات عدة تصب جميعها في جعبة القادمين علي منصة التتويج سواء في البرلمان أو الرئاسة. مع فرضية تتطلبها طاولة البحث هو مماطلة القادم بعد تتوجيه وفق سلطات واسعة يمنحها له الدستور الحالي في مواد لن تعدل في إعادة صياغة دستور جديد!! وقد حدد المجلس الاعلي للقوات المسلحة في قرار تشكيله للجنة التعديلات الدستورية دراسة وإعداد مشروع إلغاء المادة (971) من الدستور المصري الخاصة بجرائم الارهاب، وتعديل خمس مواد دستورية اخري علي سبيل الحصر، هي المواد: (67) الخاصة بشروط الترشح لرئاسة الجمهورية، والمادة(77) الخاصة بمدة الرئاسة، والمادة (88) الخاصة بالاشراف علي الانتخابات البرلمانية، والمادة (39) الخاصة بالفصل في صحة عضوية مجلس الشعب، والمادة (981) الخاصة بشروط التعديلات الدستورية. هذا بالاضافة إلي ما يتراءي للجنة من اقتراح تعديل مواد اخري. وتعد المادة (67) في ثوبها الحالي اطول مادة في التاريخ الدستوري الانساني منذ عصر الديناصورات ولست متابعا هل وصلت لعلم القائمين علي موسوعة جينز ام لا! لكن الطريف انها تعدل في حياة عين من اولدوها قيصريا وعنوة من رحم الاجيال منذ ست سنوات، سواء الحاكم أو وريث أو فقهاؤهما أو ضابطيا ايقاعاتهم، ودون حتي ان تتملك اي من الحياكين شجاعة الدفاع عن صنيعة فكره المشتري! ويأتي تعديلها بمثابة العمود الفقري لمتطلبات المرحلة المقبلة، مما يقتضي من اللجنة الترفق في قيود الترشيح وفق ما احدثته الثورة، كيما تفتح الباب لجميع الاتجاهات والفئات التي تؤدي بالتنوع إلي اختيارات شعبية عاقلة، مع ضرورة ارساء مبدأ انتخاب نائب للرئيس في ذات الانية، والاحالة القانونية لفكرة ضوابط الدعاية الانتخابية وتطورها ومصادر تمويلها. ورأي ان مدة الرئاسة في المادة (77) لاتزيد علي خمس سنوات ولفترتين فقط، شريطة اتصالهما وتتابعهما. أما المادة (88) فيا ليت اللجنة تكلف هيئة ادارية مستقلة للاشراف علي الانتخابات، وقد عرف الشعب الان طريقه إلي الحقوق والواجبات مانعة تماما الزج بالقضاء في معترك الحياة الانتخابية العامة والاشراف عليها، ليستقر إلي منصات العدالة، مثلما يعود الجيش إلي ثكناته، وتبعده عن لدد الخصومات التي قد تؤدي به يوما إلي نذيرا لا يحمد عقباه. اما واذا ارتأت اللجنة اشرافا قضائيا فيجب ان يكون حقيقيا وفق التفسير القانوني لمفهوم القضاء بعيدا عن لفظ الهيئة القضائية التي ارساها العهد البائد في انحساره بالحكم بين الاطراف بالعدل ولست مدافعا عن ايهم، اذ لو كان مدافعا فكيف يعقل منطقيا علي الاقل ان يشرف علي انتخاباتها، ويجب ان يكون اشرافا كاملا منبسطا علي جميع المراحل والاجراءات الانتخابية، بدءا من اعداد الكشوف الانتخابية حتي اعلان النتائج، وضرورة وضع قواعد عامة ومجردة لاختيار رئيس واعضاء اللجنة القضائية العليا المشرفة واشتراط عدم توليهم اية مناصب تنفيذية لسنوات خمس علي الاقل، تفاديا لظاهرة الرشاوي الانتخابية التي عانت منها البلاد طويلا. واري ان يطول الالغاء المادة (39) ايضا بدلا من تهذيبها، لوجود قضاء اداري قادر علي الفصل في صحة الاجراءات المسبقة والنتائج اللاحقة اعمالا لمفهوم القرارات الادارية النهائية، مع اقتراح اضافة تعديل تشريعي في قانون المرافعات المدنية والتجارية يمنع محاكم القضاء العادي بقبول طلبات الطعن علي احكام محاكم مجلس الدولة أو الاشكالات في تنفيذها. واري في الافق بعض المباديء التي يلزم تداركها مؤقتا لبداية نهضة ديمقراطية يأتي علي رأسها ضرورة الغاء مبدأ التقسيم الفئوي 05٪ عمال وفلاحين، والذي ترسخه المادة (78) الخاصة بعضوية مجلس الشعب مع الغاء مبدأ التعيين الرئاسي لعدد من اعضائه، والمادة (691) الخاصة بمجلس الشوري وكذا الغاء ذات مبدأ التعيين لاعضائه، والمادة (261) الخاصة بالمجالس الشعبية المحلية هذا بفرض موافقة اللجنة في الاساس علي استمرار هذا العبث الدستوري الخاص بمجلس الشوري وتحجيم سلطاته. أو المتعلق بالمجالس الشعبية المحلية في ظل نظام المركزية الادارية المفرطة وعدم انتخاب المحافظين! فإن كانت هذه المباديء تولدت نتيجة النهج السياسي والاجتماعي لانظمة ما بعد حركة يوليو 2591 فان المناخ الثوري الجاري - بما له من افكار متطورة - يجب ان يطيح بتلك القوالب الفكرية المعدة من مخلفات قرن مضي، وازعم ان العودة الدستورية لنظام المجلس الاوحد والغاء مجلس الشوري ومن قبله المجالس الشعبية وزيادة عدد الدوائر لعضوية مجلسي الشعب وتقليل حيزها المكاني مع ارساء نظام الانتخاب بالقائمة النسبية لهو وسيلة معقولة للصعود التدريجي نحو التمثيل الفعلي للشعب.