نشاط غير متوقع وظواهر متعددة شهدتها الساحة الغنائية علي مدار هذا العام، بمختلف مواسمه التي حملت بين طياتها مؤشرات الصعود والهبوط للعديد من نجوم الساحة كبارا وشبابا، وفعاليات استمرت علي مدار العام بين الحفلات والمهرجانات التي تعد أحد أهم افرع النشاط الغنائي داخل الساحة،اضافة إلي كم الألبومات والتجارب الغنائية التي قدمها العديد من المطربين، وكسرت حاجز الخمول والركود الذي عاني منه الوسط الغنائي خلال السنوات الماضية تأثرا ب«شبح» عدم الاستقرار وأزمة القرصنة التي تراجع تأثيرها علي الساحة ومطربيها بالنظر لحجم الألبومات التي قدمت هذا العام مقارنة بغيره من الاعوام السابقة. 19 ألبوما وكم كبير من الحفلات والفعاليات التي اقيمت علي مدار مواسم 2015، كانت حصيلة الانتاج الغنائي الذي قدم علي مدار هذا العام وحمل معه العديد من الظواهر الايجابية والسلبية التي نرصدها من وجهة نظر الصناع والمهتمين بالمجال الموسيقي ممن تابعوا حالة النشاط والتوهج التي بدت منذ مطلع هذا العام واستمرت حتي اخر ايامه، وهو ما أكد عليه الموسيقار صلاح الشرنوبي الذي كان له تحفظ في الوقت نفسه علي المستوي الفني لمعظم هذه التجارب موضحا :ان هناك حالة وحركة نشاط واضحة عمت افرع النشاط الغنائي هذا العام ولكن كان ينقصه ان نشعر بمردود هذا النشاط داخل الشارع من خلال نسب الاستماع والمبيع داخل سوق الكاسيت وهو ما كنا نشعر به قديما قبل ازمة القرصنة، ولكن الان كل المؤشرات التي اصبحنا نعتمد عليها في قياس مردود هذه الاعمال تعتمد كليا علي الوسائل الإلكترونية كنسب المشاهدة، وهو ما افقدنا وبدرجة كبيرة الاحساس الحي بمردود الشارع ومدي تجاوبه مع ما يقدم له. اضافة إلي ان عملية التلاعب بالمؤشرات التي تعتمد من الوسائل الالكترونية اصبح امرا سهلا للغاية، وهو ما يدفعنا للحديث عن جزئية مهمة في سياق هذا الموضوع وهي مدي النجاح والتقييم الحقيقي لكم التجارب الكثيرة التي ضمها هذا العام من ألبومات، فإذا تطرقنا بالنظر من الناحية الفنية إلي غالبية هذه الألبومات سنجد ان هناك كما ضئيلا جدا منها هو ما يستحق الاشادة والتأكيد علي نجاحه فعليا في سباق هذا العام. ففي رأيي ان ابرز الألبومات التي ظهرت اكثر تكاملا من الناحية الفنية كان ألبوم انغام «احلام بريئة» وكذلك ألبوم «عمره ما يغيب» لمحمد حماقي اضافة إلي اصالة التي كان لها الاسبقية في طرح ألبومها في بداية العام والتي تحاول قدر الامكان أن تنوع من اختياراتها الغنائية مع الحفاظ علي الأشكال والألوان الموسيقية الشرقية التي تتميز بها، وهو ما نجحت فيه ايضا انغام وببراعة حيث ضم ألبومها تجربة طربية تحترم وجمعت خلاله كافة عوامل النجاح جعلته من اهم الظواهر الغنائية لهذا العام علي عكس تجربة ألبوم سميرة سعيد الذي اعتمدت فيه اعتمادا كليا علي المقامات والموسيقي الغربية السريعة التي تستخدم فيما يطلق عليها بالاغنية الشبابية، وفي رأيي هو خطأ قلل كثيرا من جماليات الألبوم وقيمته الفنية. مواهب شابج كما كان للمواهب الشابة نصيب من الظواهر الغنائية الإيجابية التي ضمها هذا العام من وجهة نظر الشرنوبي وفي مقدمتهم المطرب الشاب محمد رشاد ومحمد شاهين حيث يعتبرهم من المواهب الشابة التي من الضروري الوقوف بجانبها ودعمها بشكل قوي. اضافة إلي تجربة المطرب الشاب احمد جمال بطرح أول ألبوماته الغنائية الذي طرح ضمن سباق هذا العام معتبرا انه من انجح الألبومات الشبابية التي قدمت علي مدار هذا العام. واختتم الشرنوبي حديثه برصد سلبيات هذا العام من وجهة نظرة والتي تتمثل في الافتقار للأعمال والألبومات الغنائية التي تعزز وتعتمد علي مقاماتنا وموسيقانا الشرقية واستبدالها بالاعمال التجارية التي تعتمد علي الموسيقي الغربية، اضافة إلي افتقادنا للاعمال الجيدة رغم كثرة الألبومات التي قدمت علي مدار هذا العام. الحلو ما يكملش وعلي الجانب الآخر جاءت وجهة نظر الموسيقار هاني شنودة متماشية إلي حد كبير مع ما ذكره الموسيقار صلاح الشرنوبي في الحديث عن افتقاد النشاط الغنائي الذي طرأ هذا العام لمردوده الايجابي علي صناعة الاغنية بوجه عام وهو ما اوضحه قائلا : للأسف الصورة العامة للنشاط الغنائي لهذا العام ينقصها شيء مهم يكاد يفسد حلاوة الصورة ويفقدها بريقها رغم الجهد الذي بذل علي مدار مواسمه، نتيجة لاستمرارنا في الخضوع لازمة القرصنة التي عانينا منها لسنوات طويلة دون ان نجد لها حلا يحمي هذه الصناعة من خطر الانقراض. واضاف : ما نراه كل عام من جهد العاملين بهذه الصناعة لإنعاشها والارتقاء بها وخاصة ما شهدناه هذا العام، ورغم تقديري له إلا انه جهد افتقد مردوده الذي من شأنه ان يحقق الانتعاشة الحقيقية لهذه الصناعة ومن ثم عودة سوق الكاسيت ومبيعاته بنفس القوة التي عهدناها قبل انتشار هذه الظاهرة.. لذا سنظل ان لم نجد حلا لهذه الازمة امام صورة باهتة ومجهودات ضائعة اشبه ب «حلاوة الروح» التي تسبق الانهيار التام لهذه الصناعة.. وفي الوقت سلبيات جماهيرية وعلي الجانب الآخر كان للاغنية الشعبية المعروفة «بالمهرجانات» نصيب كبير كأحد اهم الظواهر الغنائية التي واصلت انتشارها وتوغلها بين جمهورها من مستمعي هذا اللون رغم اعتبار البعض ان ذلك من اهم سلبيات هذا العام ولا سيما انها تعرضت لهجوم شديد في بداية ظهورها إلا ان اقبال الجمهور عليها خاصة المراهقين والشباب جعل لها مكانا وحيزا معترفا به كأحد الألوان الغنائية الرائجة، مما فتح امامها المجال لغزو الساحة السينمائية بغزارة وهو ما حدث هذا العام من خلال العديد من الاعمال التي حظيت بنجاح جماهيري اخرها فيلم «اولاد رزق» حتي انها اصبحت من اهم السبل الدعائية المستخدمة لرواج هذه الافلام. وهي الظاهرة التي علق عليها الموسيقار حلمي بكر بوصفها اهم سلبيات هذا العام مشيرا إلي ان حجم الاهتمام والرواج الذي حظيت به مؤخرا يشكل خطرا حقيقيا وعائقا امام مستقبل الفن المصري الهادف ويؤكد علي تدني الذوق العام للجمهور، كما كشف حلمي في تفسيره لانتشار هذه الظاهرة انها نتيجة لحالة الهرج وعدم الانضباط التي عاشها الشعب المصري في السنوات الاخيرة ونتج عنها العديد من الظواهر السلبية ليس فقط في مجال الغناء او الفن بصفة خاصة وانما في نطاق السلوكيات والتعاملات داخل الشارع المصري.