بعد تشكيل مجلس النواب الجديد وبدء مهامه مع نهاية هذا الشهر يكون البناء الدستوري للدولة قد جري استكماله وتفعيله. هذا الانجاز يؤكد مصداقية المبادئ التي تبنتها ثورة الشعب يوم 30 يونيو وجسدتها في خريطة الطريق التي تضمنت استحقاقات ثلاثة.. اصدار الدستور الجديد وانتخاب رئيس الجمهورية واخيرا انتخابات مجلس النواب. بعيدا عن الجدل الذي احاط بالعملية الانتخابية وما شهدته من تجاوزات وخروقات - يفصل فيها القضاء - فإن الذي يهم هو أن الاجراءات.. اتسمت بالنزاهة والشفافية في مرحلتيها الاولي والثانية. في هذا الشأن يحسب للدولة والحكومة وأجهزتها التنفيذية الوقوف علي الحياد بين كل المرشحين والالتزام بعدم التدخل. قد يكون بعض الذين تم انتخابهم علي غير المستوي الذي كنا نتمناه ولكن ما يجب أن يقال في النهاية انه اختيار الشعب الذي عليه أن يتحمل المسئولية وهو وحده الذي يملك المحاسبة علي اي قصور في الاداء والسلوك. المفروض ان اي نواقص في امكانات وقدرات هؤلاء النواب سوف يجري تعويضها من خلال التعيينات التي سيقررها رئيس الجمهورية. من ناحية اخري فانه وفي اطار مسئوليات المجلس نفسه ولائحته فإن علي رئاسته وأمانته العمل علي توفير متطلبات تدريب وتقويم هؤلاء النواب. من جانب آخر فلا جدال ان التكتلات السياسية التي من المفروض ان تفرزها الامكانات والتربيطات سوف يكون عليها ان تتحمل جانبا من المسئولية في اتمام هذه المهمة. ومع بدء فعاليات اجتماعات المجلس فإنه لابد وان يوضع في الاعتبار ما يمكن ان تكون عليه ممارسة الاعضاء باتجاهاتهم المتعددة فيما يتعلق بهذا الامر يتحتم ان يكون الاداء محكوما بهدف الحفاظ علي الصالح الوطني والفهم والتقدير لحساسية ظروفنا واوضاعنا بعد سنوات من عدم الاستقرار التي عشناها ونعيشها بعد ثورة 25 يناير. يجب علي أي نائب وبعد ان اختاره الشعب العلم بأن مسئوليته يجب ان تتركز في خدمة هذا الشعب والعمل علي تحقيق آماله وتطلعاته. في هذا الاطار فإنه ليس مطلوبا منه الالتزام بأي توجيهات او مطالب من الحزب او التكتل السياسي الذي يتبعه اذا لم تكن متوافقة مع هذه المسئولية الوطنية. عليه ان يكون متجردا من الخضوع لأي ضغوط تستهدف خدمة مصالح شخصية او فئوية. انه مطالب بأن يكون علي فهم تام بما يقضي به الدستور من حقوق وواجبات ومسئوليات. قيام هذا المجلس بالدور المنوط به في تعظيم المسيرة الصحيحة للدولة المصرية نحو التقدم والازدهار يتطلب الاستعانة بجهود اعضائه الذين يتوافر لهم الوعي السياسي وامكانات الخبرة والمعرفة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية. هذه الفئة عليها ان تساعد زملاءها في استيعاب القضايا التي تستعصي عليهم بكل الامانة والشفافية والمودة والحس الوطني. ان نجاح هذا المجلس وضمان ممارسته لمسئولياته مرهون بما يمكن ان يحققه لهذا الوطن من اجل الخروج من أزمته التي تطل بغيومها علي حياة الغالبية من ابناء الشعب. اداء هذه الرسالة من جانب النواب يفرض عليهم الانحياز لهذه الغالبية وألا يكون لهم ولاء سوي للوطن والشعب وأمنه القومي.