صورة كبيرة، و وحيدة، تصدرت الصفحة الأولي للصحيفة الفرنسية الشهيرة:» لو موند« لشاب يمسك بميكروفون يتحدث من خلاله، وكُتب فوقها بخط بارز:»وائل غنيم: وجه الثورة المصرية«.. تنويهاً عن الذي نشرته كبري الصحف الفرنسية في صفحتها السادسة من عددها الصادر يوم الخميس الماضي عن الشاب المصري الذي »لعب دوراً رئيسياً في إشعال شرارة ثورة 25يناير التي بدأت شبابية وسرعان ما أصبحت شعبية: شيوخاً، ونساءً، وشباباً، وأطفالاً.. ومن كل الطبقات«. العالم كله سمع، وتابع، انتفاضة شباب مصر من خلال الإعلام المرئي والمقروء لحظة بلحظة ويوماً بعد يوم.. خاصة بعدما شاهدوا تضاعف أعداد المشاركين في التظاهرات المليونية التي عمت مصر من أقصاها إلي أقصاها. تعامل الرأي العام الغربي في البداية مع هذه التظاهرات الحاشدة كتعاملهم مع عشرات التظاهرات التي تعود الأوروبيون علي القيام بها رفضاً لقرارات أو سياسات حكوماتهم، أو طلباً لحقوق فئات حُرمت منها. الجديد في تظاهرات تونس ومصر أنها جاءت متأخرة جداً، وأرجع غربيون ذلك إلي أن رياح الحرية هبت أخيراً علي الشعوب العربية بعد أن كانوا ينظرون إليها كشعوب صامتة، هامدة، تمتليء قلوب أغلبيتها العظمي بالغضب لكن القهر الأمني من المحيط إلي الخليج كان يرهبها، ويكتم أنفاسها. وتساءل محللون غربيون عمن يقف وراء التظاهرات الهائلة التي بدأت في تونس، ثم في مصر؟! هل هي إيران؟! هل هي جماعة الإخوان المسلمين؟! هل هي الأحزاب السياسية المعارضة، خاصة تلك التي لها توجهات سلفية دينية محظورة كانت أم علنية؟! البعض الآخر تأكد مما سمعه، وشاهده، وتابعه أنه لا أحد من هؤلاء لعب دوراً في تفجير هذه التظاهرات وإنما شباب تونس ومصر هم الذين اعتمدوا علي أنفسهم في تجميع صفوفهم، والاندفاع بها إلي الشوارع والميادين للمطالبة بإصلاحات طال تجاهلها، وبحقوق مشروعة يئسوا من انتزاعها. لم يرفع المتظاهرون شعارات أو هتافات تُسهل تصنيف هويتهم وقد تحدد توجهاتهم وتربطهم بقوي سياسية معينة، وبالتالي اقتنع كثيرون بأنه لا أحد يقف وراء انتفاضة شباب مصر، التي سرعان ما أصبحت ثورة شعبية شاملة. الاقتناع بهذه الحقيقة التي أيدتها كل القوي والأحزاب السياسية لم تكن كافية للفضول الإعلامي الخارجي. فإذا كان الشباب هم من أشعلوا الثورة، فمن هو أو من هم الذي أطلق شرارتها الأولي؟! وسرعان ما سلطت الأضواء علي الشاب الرائع: وائل غنيم الذي تصدرت صوره صفحات كبريات الصحف العالمية، وتسابقت القنوات والفضائيات التليفزيونية علي استضافته والتعرف علي »غنيم« الذي لعب دوراً رئيسياً في إشعال ثورة25يناير، و وصفته صحيفة »لو موند« ب »وجه الثورة المصرية«. في حديثه إلي »سي.إن.إن« قال وائل غنيم: »إنني أقول دائماً إذا أردت تحرير مجتمع فامنحه الإنترنت فقط«. لم يكتف وائل بمقولته الشهيرة وإنما قام شخصياً بإثباتها وتحقيقها. فقد ساهم وشارك في تأسيس صفحة علي موقع »فيسبوك« باسم »كلنا خالد سعيد«: الشاب المصري الشهيد الذي راح ضحية وحشية بعض زبانية الشرطة في الاسكندرية. وهو أيضاً الذي دعا مئات الآلاف من المترددين علي صفحته إلي التجمع في ميدان التحرير يوم 25يناير.. وكان جزاء دعوته السلمية القبض عليه في نفس اليوم، وانقطاع أخباره عن أسرته وأصحابه لأكثر من أسبوع، وأمر السيد/عمر سليمان بالإفراج عنه وإعادته إلي ميدان التحرير الذي انطلقت منه الثورة المصرية.