محمد الغرباوي شاب مصري مثل كل شباب مصر المكافحين، حصل علي ليسانس الحقوق من جامعة عين شمس.. حاول الحصول علي فرصة عمل بعد التخرج.. طاف كل الارجاء.. طرق كل الابواب.. ولكنه وجدها موصدة امامه.. لانه لم يكن يملك سلاح الواسطة.. عمل مندوب مبيعات.. وسائقا ولكنه مثل كل الشباب كان لديه حلم تكوين اسرة والعيش حياة كريمة اشتري تأشيرة عمل في السعودية بمبلغ 03 الف ريال تخصم من راتبه.. سافر الي الدمام حاملا جواز سفر نقاش مع انه حاصل علي ليسانس الحقوق وعمل في احد المعارض.. التي تبيع آلات زراعية.. تفوق فيها رغم قلة المدة التي قضاها في العمل.. وهنا قرر الذهاب لاداء العمرة شكرا لله.. وبعد اداء العمرة وفي طريقه الي المدينة لزيارة قبر الرسول صلي الله عليه وسلم كان قضاء الله في حادث سيارة.. وترك محمد وراءه اسرته وخطيبته تبكيانه بالدم والدموع.. لقد كان حقا »ابن موت«. حكاية محمد الغرباوي.. ليست حكاية فردية ولكنها حكاية شباب مصر بأكمله الذي تخرج في الجامعات علي مدار السنوات السابقة ولم يجد فرص عمل تناسب مؤهله ودراسته.. ولان الواسطة والمحسوبية والرشوة تغغلت في المجتمع المصري.. واصبح من يملك الواسطة يملك الدنيا كلها.. ومن غير ذلك عليه التسول والجلوس علي المقاهي الي ان يأذن الله سبحانه وتعالي.. واصبح المواطن الغلبان والشاب غير القادر علي العمل ينظر الي الطبقة الحاكمة والمسيطرة علي مقدرات الوطن بشيء من التوجس والحقد.. وزادت الفوارق بين الطبقات المختلفة واحدة تقضي الصيف والشتاء في الساحل الشمالي والغردقة والعين السخنة واخري تعيش في عشش صفيح ولا تجد من يعينهم حاولوا الاستغاثة اكثر من مرة.. ولكنهم وجدوا الامن في انتظارهم سواء بالاعتقال او بالضرب.. وكان هناك الحزب الوطني الذي بلغ من الكذب مداه واصبحت قياداته الفاسدون تكذب علنا في جميع وسائل الاعلام وينشره رؤساء التحرير علي انه كلام صدق.. واصبح الحزب الوطني وقياداته هم الصادقين والشعب المصري كله هم الكاذبين.. وكم كان الطاووس احمد عز يتحكم في مقدرات الشعب المصري واصبحت ثرواته في خلال عدة سنوات قليلة تفوق ميزانية البلد بأكملها.. وانظروا الي مؤتمر الحزب الوطني الاخير الذي صور المجتمع علي انه يعيش في هناء وخير وفير وعلي الشعب المصري ان يقبل يده ويشكر الله علي ما يقدمه الحزب الوطني لشعبه.. ولكن عندما بلغ الفساد مداه.. واصبح الشباب في حيرة من امره.. هل يصدق اكاذيب الحزب الوطني ام يصدق الواقع الذي يعيشه.. لجأ الشباب الي الانترنت ليعبر عن رأيه وليتخاطب مع زملائه في احوال البلاد ومع ذلك لم يكونوا بعيدين عن الاعتقال.. من هنا كانت الثورة ثورة الشباب التي تفاجأ بها الرئيس وقيادات الحزب الوطني والتي صوروها له علي انها »لعب عيال« وانهم قادرون علي السيطرة عليها والتحكم فيها وان كل شيء تحت السيطرة.. ولكن الثورة كانت اكبر منهم واصبح الحزب الوطني الذي سيطر علي مقدرات البلاد وقياداته التي نهبت خيرات مصر في مواجهة ثورة الشباب.. فحاول احداث تغييرات ولكن الثورة التي بدأت لم تتوقف وذهب الحزب الوطني الي الجحيم مثلما ذهب بالبلاد قبل ذلك.. اتمني ان اري احمد عز يعيش عيشة الفقراء.. وان يعود الي اصله عازفا لآلة الدرامز في الملاهي.. اتمني ان اري محاكمة من كان وراء احمد عز ومن نصبه رئيسا للجنة الخطة والموازنة اتمني ان اري اباطرة الحزب الوطني الذين نهبوا خيرات البلاد وقد عادوا الي اصولهم الفقيرة وان يتسولوا لقمة العيش مثل غالبية الشعب المصري الذي عاني الامرين من سطوة ونفوذ الحزب الوطني ورجال وزارة الداخلية. اخيرا.. نجحت ثورة الشباب.. وتحقق حلمي وحلم محمد الغرباوي وحلم كل شباب مصر في الديمقراطية.. ومن الاحلام تولد البلاد الحديثة. ملحوظة اخيرة: لانني لا أمتلك الواسطة والمحسوبية مثل كل الفقراء فشلت حتي الان في ايجاد وظيفة لابنتي الحاصلة علي ليسانس اداب قسم اعلام بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف.. وتخلي عني كل الاصدقاء الذين هم في موقع اتخاذ القرار.