لا جدال في أن الثقافة صانعة الوعي هي خط الدفاع الأول الذي ننتظر منه الكثير في مواجهة المغرضين الذين يشيعون الفوضي ويراهنون علي غياب الوعي وضبابية الرؤية واختلال الموازين ، ولذلك فإن الاختبار الذي يواجه الكاتب الصحفي حلمي النمنم وزير الثقافة الجديد يبدو صعبا حقا ، يتطلب جهدا مضاعفا ودورا مختلفا وتحمل أعباء ثقال لا يقدر عليها إلا أولو العزم . عدد من أبرز مفكرينا وأدبائنا يحاولون تحديد أسئلة الاختبار الصعب ويوضحون طبيعة الملفات الحيوية التي علي النمنم أن يخوض غمارها. يقول الروائي الكبير بهاء طاهر علي الوزير أن يقوم بتنشيط المؤسسات التابعة لوزارته، وأظن أنه سيفعلها، وعليه أيضا أن يلجأ الي أهل الخبرة لا أهل الثقة، وأتمني له كل التوفيق. أين مؤتمر الشعر ؟ أما الشاعر الكبير «محمد إبراهيم أبو سنة» فيقول إن هناك ملفات عديدة في مقدمتها ملف النشر والتنسيق بين هيئات النشر المختلفة سواء الهيئة العامة للكتاب أو المجلس الأعلي للثقافة أوهيئة قصور الثقافة . بالإضافة إلي أن هناك أيضا ملف الندوات والمؤتمرات خصوصا أن هناك «مؤتمر للشعر العربي» تأخر عامين ونتمني أن ينعقد في مارس القادم، هذا المؤتمر كان من المفترض أن يعقد في العام الماضي ولكنه تأخر وتم عقد مؤتمر الرواية. وأتمني كشاعر أن يكون هناك مكان بديل لبيت الشعر الحالي لأن موقعه طارد للرواد والوصول إليه صعب ومنذ خمس سنوات ونحن نكافح من أجل إيصال الرسالة الشعرية إلي الشباب ،ولكن المكان لا يساعدنا علي ذلك. كما أن هناك ملف التفرغ وهل سيستمر بوضعه الحالي أم يجري تعديل اللوائح والقوانين الخاصة بقانون التفرغ، ومن الملفات الهامة أيضا «استكمال قصور الثقافة التي عطلت منذ فترة طويلة ولابد من بث النشاط الحيوي في هذه القصور في أنحاء مصر وهذا الأمر حيوي جدا وفي غاية الأهمية». الملف الأساسي هو كيف يمكن انتداب الشباب للمؤسسات الثقافية والتعامل مع المنتج الثقافي الراهن وأن تكون وزارة الثقافة مشجعة للإبداع الجديد بالنسبة للشباب، فما أراه الآن أن معظم الشباب يخرج يبحث عن ناشر خارج مؤسسات وزارة الثقافة ومعظمهم لا يحب التعامل مع المؤسسات الثقافية بل ويطالب البعض بإلغاء وزارة الثقافة وهوة أمر في غاية الخطورة وأريد من الوزير أن يتعامل مع الشباب كمنتجين للإبداع الأدبي ومستهلكين للثقافة - وأن يكون هناك تشجيع للشباب وللأدباء في المؤسسات الثقافية المختلفة ، لأنه مهم جدا في الحركة الإبداعية، وهناك ملفات خاصة بالمسرح والسينما والإنتاج الثقافي وكلها تحتاج إلي تمويل كبير، وأتمني عليه أن ينجح في تحديد موعد لمؤتمر الشعر العربي القادم في مارس من عام 2016. بين خطابين.. بينما يقول المؤرخ الكبير والمحقق الشهير د.أيمن فؤاد سيد: ان أهم الاختبارات التي تنتظر وزير الثقافة الكاتب الصحفي حلمي النمنم قضية التنسيق بين الخطاب الديني والخطاب الثقافي تحتاج إلي التنسيق مع أكثر من جهة، ودور وزارة الثقافة مهم ويجب ان يكون قيادي فيها ،كل أجهزة الوزارة تحتاج إلي إعادة تقييم الدور الخاص بها ومتابعة الخطط التي تتبع فيها وهل انجازتها مواكبه مع الخطط الموضوعه أم لا. وأضاف فؤاد أن قضية النشر في هيئة الكتاب هل تغطي كل العناصر المطلوبة في هيئة الكتاب؟، بالإضافة إلي أن دار الكتب والوثائق تحتاج لبحث خطوات نقل الوثائق لدار الوثائق الجديدة، كما أن المجلس الأعلي للثقافة يجب أن يتم اعادة تشكيل للجان النوعية له ويجب أن تكون تمثل كل الفئات ويمثلها القيادات من الرواد كل في مجاله في اللجان المختلفة للمجلس. وأنهي كلمته بأن هناك أنشطة كثيرة في الأوبرا وأكاديمية الفنون تحتاج لإعادة تسكين قيادات في أماكن متعددة شاغرة، متمنيا التوفيق للوزير في عمله. ثقافة للجماهير .. ويري الأديب د. نبيل فاروق أنه علي وزير الثقافة أن يعمل علي تغيير مفهوم أن الثقافة للمثقفين فقط فدورها ليس فقط التعامل مع المثقفين ولكن تحويل الشعب كله إلي حالة ثقافية مختلفة وايجاد شعب لديه نظرة ثقافية للأمور، ولكن الواقع مختلف فنحن نبحث عما يرضي الإعلام ولا نقدم الثقافة الجماهيرية بالشكل المنوط به خلق ثقافة ونشرها بشكل واعي وذلك بالتركيز علي برامج ثقافية ومطبوعات ثقافية جذابة، والوزيرعليه أن ينظر للثقافة بنظرة القرن ال21، فالثقافة الأن ليست نفس ثقافة طه حسين وعباس العقاد فالمفهوم الثقافي نفسه تغير فيجب ان ننتقل من كلاسيكة الثقافة إلي عصرية الثقافة. إعادة ترتيب في حين تقول الروائية والمترجمة سهير المصادفة : ينتظر وزير الثقافة العديد من الملفات المهمة في الهيئة المصرية العامة للكتاب أولا ملف موظفين مثقل بالإحساس بالظلم والتفرقة في المعاملة بعيدا عن معايير ثابته للمكافأت والأهم من المكافأت تطوير أداء الموظف الذي ظل ثابتا طوال ربع القرن من الزمان فلم يتطور أداء الموظف في الحكومة بشكل عام وبالتالي ينتظره وضع نظام هيكلي جديد للتدريب والتأهيل. ينتظره أيضا هيكلة استراتيجية النشر في الهيئة المصرية العامة للكتاب وماذا نريد من الهيئة وهي اكبر دار نشر في العالم العربي، وان كتاب الهيئة المصرية العامة للكتاب الان مع الأسف الشديد لا يستطيع منافسة الكتب الصادرة عن دور نشر خاصة في السوق ومن ثم نحتاج في هيئة الكتاب طرح مفهوم الصناعات الثقافية بشكل عام والاستفاده من النشر الالكتروني بشكل خاص وتطوير الكتاب علي مستوي الشكل وعلي مستوي المضمون لكي نستطيع البدء في ترتيب المكتبة العربية وإعاده طبع اعمده المكتبة التي تستحق الطبع والتفكير في مشروعات نشر كبري تناسب الباحث العربي وتقوم بمهام الهيئة المعنية بداية بالنشر الثقيل. نريد علي سبيل المثال ان نتجاوزمركزية مبني الهيئة المصرية العامة للكتابة ونشيد مباني جديدة في أقاليم ومحافظات مصر المختلفة التي هي متعطشة للكتاب بشكل فعلي من خلال منافذ بيع الهيئة المختلفة التي من الممكن تطويرها لتقوم بدور هيئة الكتاب الرئيسية في الأقاليم . ينتظره ان يقوم بعمل تنسيق كامل بين مراكز النشر في المؤسسات التابعة لوزارة الثقافة بشكل عام للوصول الي نتائج افضل في مجال النشر العربي. علي الوزير أن «يطير» العصافير ! وتقول الكاتبة المتميزة د. رشا سمير: إبتُليت وزارة الثقافة في مصر طويلا بوزراء لا يمتون بصلة للثقافة.. مجرد هياكل فارغة تجلس فوق كرسي الوزارة.. وسوء اختيار يعقب سوء اختيار أدي إلي تآكل في البنيان الداخلي للوزارة وإنهيارها.. في إعتقادي أن الدولة ستنهض فقط متي تعترف بأن الثقافة والتعليم هما الدعامة الأساسية للتقدم والتغيير. واليوم هناك ملفات عديدة شائكة وعقبات كبيرة تقع في طريق الوزير الجديد الكاتب الصحفي حلمي النمنم، وهي بحسب الأهمية، أولا التخلص من كل القيادات الفاسدة داخل الوزارة.. فتولي رجال غير مناسبين للمهمة جعل الفساد عنوانا لكل باب بالوزارة.. وهناك ملف الشللية والتكتل ضد الكفاءات..ووجود عدد هائل من «العصافير» الذين يسعون بكل الطرق لإحتلال أذن كل من يجلس علي الكرسي لتطويعه وتطبيعه..هؤلاء يجب أن يلتفت إليهم الوزير ويجب تطهير الوزارة منهم سريعا.. فحاشية السوء هي السبب في التدهور الذي حل بالوزارة علي مدي أعوام..كما يجب التخلص من الفساد الذي يتجلي في صورة كل من يحاول التربح من منصبه، وهم كثيرون.. كما يجب تغيير كل من إحتل مكان لا يناسبه بسبب المحسوبية.. وبعد ذلك يبدأ الدور الأهم للوزارة بعد تطهيرها وهو نشر الوعي الثقافي في ربوع مصر ونجوعها.. فالثقافة يجب ألا تقتصر علي مثقفي المناطق الراقيه فقط.. الثقافة يجب أن تكون جسرا يمتد ليصل إلي الفئات المهمشة التي يتلاعب بها تجار الدين إلي اليوم.. الثقافة يجب أن تصل للمدارس العامة قبل الخاصة..عودة المكتبات إلي المدارس وتدريس القراءة في صورة أعمال أدبية للأطفال هو السبيل للوصول إلي عقولهم. الإلتفات إلي الإهمال الجسيم الذي تُعاني منه قصور الثقافة ومرافق الوزارة وملحقاتها.. أتمني أن يعي الوزير خطورة وأهمية المرحلة المقبلة وألا يتعامل مع منصبه علي أنه جزء من حكومة مؤقتة.. فكم من حكومات ظلت سنين طويلة متجمدة في مكانها ثم يأتي شخص واحد واع له رؤية فيستطيع التغيير في أشهر قليلة..