مخلفات الأضاحى تسبب أزمة كبيرة بالشوارع توافد علي المتنزهات والملاهي .. و10 آلاف زائر يومياً لحديقة الجيزة الفرحة واحدة لكن أساليب التعبير عنها تختلف، فهناك من يفضلون الاحتفال بالعيد في المتنزهات والملاهي، بينما يسعي آخرون الي المساجد وأضرحة الأولياء، وبين الجانبين لا يشعر آخرون بفرحة العيد بعد ان اغتال الجحود فرحتهم. ووسط كل هذه الاجواء تبقي مخلفات الذبح هي سيدة الموقف بعد ان غاب عمال النظافة فارتفعت أصوات المواطنين بالشكوي من روائح المخلفات والحيوانات الضالة. قبل عيد الأضحي من كل عام، يصدر المحافظون قرارات لحظر الذبح في الشوارع، ولكن الواقع يؤكد أنها لا تتعدي أن تكون حبرا علي ورق، وفي كل عام يضرب بها عرض الحائط، ليشتكي بعدها المواطنون من انتشار مخلفات الذبح، التي تجمعت حولها الكلاب والقطط، مخلفة مشهدا سلبيا، تزيد من قبحه رائحة الدم التي تزكم الأنواف. وفي ثالث ايام العيد غرقت الشوارع بمخلفات الذبح , ولم يعد شيء يعلو علي رائحة الدماء. ولم يقتصر الأمر علي الأماكن المحيطة بمحلات الجزارة فقط , لأن المواطنين وفقا لعادتهم كل عام قاموا بذبح الأغنام والماشية في الشارع وأمام المنازل، رغم أنف قرارات المحافظين، وألقوا ببقايا ومخلفات الذبح من جلود ودماء وغيرها في مقالب القمامة , الامر الذي ادي الي انتشار الحشرات والروائح الكريهة وزيادة عدد الحيوانات الضالة مثل القطط والكلاب التي تتغذي علي هذه المخلفات, الامر الذي سبب تذمر وغضب الكثيرين خاصة أن عمال النظافة لم يقوموا بدورهم في تنظيف وازالة هذه المخلفات , لانهم كما يقول بعض المواطنين في اجازة، حتي أن أحدهم قال للأخبار: « لم نر عامل نظافة واحدا، خاصة في محافظة القاهرة». وأكد ماجد احمد موظف من سكان منطقة السيدة زينب، انه لا يستطيع المرور في الشوارع بسبب الروائح الكريهة التي ملأت الدنيا خاصة بمنطقة المدبح بسبب اختفاء عمال النظافة, الذين غابوا عن المشهد تماما , واكتفوا فقط بالوقوف في الاشارات والتسول من المارة واصحاب السيارات». بدورها تشكو فاتن محمد «ربة منزل»، من الروائح الكريهة التي ملأت الشوارع وتسللت الي البيوت من خلال النوافذ لتسبب الامراض لاطفالنا الصغار ، وتساءلت: « أين ذهب عمال النظافة؟، بينما المخلفات تملأ الشوارع ورائحة الدم تطاردنا ». وفي المنطقة المجاورة لمستشفي سرطان الاطفال 57357، لم يختلف الوضع كثيرا، رغم أهمية الحفاظ علي نظافة محيط مستشفي حيوي يعالج فيه أطفال من المفترض أن المرض اللعين جعل مناعتهم لا تتحمل أي عدوي قد تسببها المخلفات. ورصدت جولة الأخبار وجود آثار وبقايا للذبح رغم مررو 3ايام , بالاضافة الي انتشار بائعي « السقط» من لحوم الرأس والفشة وغيرها حول اسوار المستشفي , في ظل غياب عمال النظافة , الامر الذي ادي الي تراكم مقالب القمامة في كل شبر. رائحة محببة وبينما يشكو المواطنون من روائح المخلفات، فإن هناك من يتعايش مع رائحة شبيهة وهي رائحة مدابغ الجلود، ويتمني ألا تنقطع، لاسيما في موسم عيد الأضحي. وتحولت منطقة المدابغ الي خلية نحل لاستقبال جلود الاضاحي, وافترش اصحاب الجلود الشارع ببضاعتهم ولم يلتزموا بشوادر المحافظة. ويقول سيد حسين 55 عاما « بائع جلود» : عيد الاضحي هو الموسم الذي ننتظره كل عام لاننا نقوم فيه بجمع اكبر كمية من الجلود , من المنازل او من محلات الجزارة او من المدابح , ونشتري الجلود بأسعار زهيدة لا تتجاوز 5 جنيهات للضاني و150 للعجول ونقوم نحن ببيعها لتحقق ربحا منها , مضيفا ان الجلود تصبح رائحتها كريهة اذا ظلت اكثر من 3 ايام ولكننا نعرضها للهواء الطلق ونضع عليها ملحا ليحميها من التعفن . لضيافة «أم العجائز» طعم آخر في ثالث ايام عيد الأضحي المبارك تستمر زيارات الاقارب والاحباب والتقرب الي الله بتوزيع لحوم الاضاحي علي الفقراء, وفي الوقت الذي تبتهج فيه الاسر المصرية ويتبادل افرادها الزيارات والهدايا , نجد فئة من الناس تفضل ان تقضي أيامه علي طريقتها الخاصة وهي القيام بزيارة اولياء الله الصالحين وتحديدا مسجد السيدة زينب رضي الله عنها , حيث انهم يتباركون بزيارتها ويدعون الله ان يشفي مرضاهم ويحل عقدة أحبائهم ويصلح حالهم وحال المسلمين اجمعين. في مسجد السيدة زينب انتشرت اعداد كبيرة من الزائرين الذين توافدوا عليه فمنهم رحلات لبعض الجمعيات الخيرية ومنهم مجموعات عائلية كبيرة, ومنهم اسر صغيرة بسيطة مغتربة جاءت في العيد فقط لقراءة الفاتحة والتبرك بمقام السيدة زينب. وتوضح الحاجة ايمان «ربة منزل» انها جاءت من المحلة الكبري هي وابناؤها لزيارة مقام السيدة وانها تفعل ذلك كل عام في العيد وتسعي إلي أن يقوم أولادها بنفس العادة التي اعتادت عليها سنويا مثلما عودتها والدتها وجدتها , وتؤكد ان زيارة اهل البيت بركة وراحة للنفس والعقل, وقالت ان ابنيها لا يجدان متعة في المجيء الي هنا نظرا لصغر سنهم ولرغبتهم الدائمة في الخروج واللعب لهذا ستقوم بعد اداء صلاة الظهر باصطحابهم الي الحديقة العامة وبعد ذلك ستعود للمحلة مرة اخري.. واثناء وقوفنا امام بوابة المسجد وجدنا عددا كبيرا من السيدات والرجال والصبية والبنات يتدافعون ويتسارعون للوصول الي بوابة المقام , ولكن حارس المقام استوقفهم وطلب منهم التزام الصمت وترك احذيتهم علي البوابة قبل الدخول.. وفي هذه الاثناء تحدثنا الي إحدي البنات المنتظرات لدورهن في ترك الحذاء علي البوابة، وقالت ان هذه رحلة تنظمها احدي الجمعيات الخيرية بمنطقة البدرشين وان برنامج الرحلة يبدأ من مقام السيدة زينب ثم الحسين بالازهر وسيذهبون الي الاهرامات وتنتهي بالتنزه في حديقة الحيوان. اما عايدة عبد السلام فكانت منهمكة في الدعاء امام مقام السيدة وتملس بيدها علي ابنها الصغير الذي تحمله علي كتفها ودمعت وانهمرت في البكاء اثناء وقوفها هناك وعندما انتهت اقتربنا منها فأوضحت أنها جاءت للتبرك بمقام ابنة النبي عليه الصلاة والسلام , وانها تخبطت كثيرا بين مكاتب الصحة والمستشفيات والأطباء للبحث عن علاج لابنها الذي يجد صعوبة في التحدث, ولكن دون جدوي فنصحها احد المشايخ بالذهاب لزيارة اهل البيت والتبرك بها. 10 آلاف زائر لحديقة الجيزة واختار آخرون الذهاب إلي حديقة الجيزة والتي لم يمر عام علي افتتاحها , ورغم ذلك كانت مكتظة بالزائرين.. ارتفاع حرارة الجو لم يمنع ملامح البهجة والفرحة التي كانت تملا المكان هناك, فعدد كبير من الزائرين توافدوا إليها منذ اول ايام العيد, كما ان مساحاتها الخضراء الواسعة جعلت منها متنفسا لاهالي محافظة الجيزة. وأكد مدير الحديقة ان الاستعدادات داخل الحديقة تمت علي اعلي مستوي قبل حلول العيد بزيادة أعداد افراد الامن بالداخل والخارج، بالاضافة الي عمل صيانة لمختلف الالعاب فضلا عن دورات المياه والمقاعد. واشار الي ان اعداد الزائرين في العيد تجاوزت 10 آلاف زائر يوميا . وأمهات الشوارع محرومات من الفرحة بعيدا عن الأجواء الاحتفالية السابقة كان هناك من حرم من تلك الفرحة بسبب جحود قلب الابناء والازواج ، وهم أمهات ألقي بهن أبناؤهن وأزواجهن أمام ابواب المساجد وتخلوا عنهم في اشد لحظات احتياجهن إليهن، و لم يردوا لهن جميلهن. اقتربنا من إحداهن وتدعي سعاد عبده « 80 عاما» فانهمرت الدموع من عينيها. وقالت: « محدش بيفتكرني في العيد انا بقعد اشحت امام جامع السيدة زينب من 30 سنة وفقدت الامل في أولادي ، ومتأكدة ان اولادي نسيوا شكلي حتي لو جاءوا من الصعيد لزيارة جامع السيدة لن يتذكروني رغم كثرة دعائي بأن يجمعني الله بهم قبل ما اموت». وتروي ام حامد 60 سنة « انا في الشارع منذ 10 سنوات، فقد جاء بي اولادي من الصعيد ليرموني علي الرصيف وتركوني وذهبوا لحياتهم , ومنذ ذلك الوقت لم يأتوا الي ولم يزوروني حتي مرة واحدة ». وتؤكد انها لم تجد من يهتم بها منذ ان جلست علي رصيف جامع السيدة زينب ، سوي النساء الاصغر منها عمرا ممن تتشابه ظروفهن معها، وهي تعتبرهن اهلها وكل ما لها في هذه الحياة. وتقول محروسة محمود 60 عاما : « بناتي رموني علي الرصيف لارضاء ازواجهن، محدش بيفتكرني ولا في العيد ولا في المستشفي وولاد الحلال زوار السيدة زينب بيعطفوا عليا».