تقول النكتة: إن أحد الجنود في الحرب سأله قائده: هتعمل إيه لو هجم عليك واحد، فرد: هتعامل معاه يا فندم. سأله قائده: ولو اتنين؟، فرد: هضرب الأولاني بكعب البندقية والتاني بالسنكي واحوش الرصاص يا فندم. سأله القائد: ولو تلاتة؟؟ فرد: هفرغ فيهم البندقية يا فندم، وحينئذ سأله القائد ولو أربعة هجموا عليك بعد ما خلصت كل الذخيرة، فرد الجندي: جري إيه يا فندم هو أنا هحارب لوحدي والا إيه؟؟!! يحب عبدالفتاح سعيد خليل السيسي أن يكون في دور الجندي المقاتل الشجاع، لكنه يتساءل دائماً: هل سيحارب وحده؟؟ ويحب الشعب أن يكون في دور القائد، لكنه يسأل نفس الأسئلة منتظراً من شخص واحد أن ينتصر في الحرب وحده. لو جئت للحق.. يبدو الأمر صحيحاً ومغرياً علي المستوي النظري، لكن علي المستوي العملي، وعلي أرض الواقع تستطيع أن تتساءل تساؤلات مشروعة عن جدية الرئيس في تناوله للعديد من الملفات الخاصة بالدولة، وجدية المؤسسات التي يحكمها الرئيس والتي تعمل بنظرية: هيا بنا (نخربها)، أما الشعب، فهو في الغالب يدفع الثمن. تثق أغلبية الشعب في (شخص) السيسي، وتدعمه، وتحب أن تستمع إليه، وتحاول أن (تصبر) كما يطلب منها دائماً، لكن التساؤلات المشروعة تصب في خانة إدارة الرئيس للملفات التي يراها البعض ذات أولوية، بينما نشعر ونحن نتابع أداء الرئيس أنها في ذيل اهتماماته، مهما صرح تصريحات إيجابية بشأنها. يعني مثلاً، في قناة السويس، اختصر الرجل الثلاث سنوات إلي سنة، وانتهي المشروع، بينما في ملف المحبوسين ظلماً الذي اعترف الرئيس بوجودهم لم نجد الرئيس يصرح ويطلب من الجهات بضرورة انتهاء الأمر في شهر أو شهرين علي الأكثر، فعشرات المظلومين لا يزالون قابعين في السجون، ولا معني لأي حرب علي الإرهاب مادمنا نستثمر فيه، فالمظلوم سيخرج إرهابياً كارهاً ناقماً، ولقد جف ريقنا من كتابة هذا الأمر وتذكير الجميع به وعلي رأسهم الرئيس، لكن يبدو أن (الأجهزة) أو (المؤسسات) ترجع إلي الخلف، وتري أن هذا الملف في حاجة لكي يكون كارت صراع، ومناورة سياسية، يتم الاستعانة بها بين الحين والآخر، وعلي الرغم من خروج ما يقرب من 280 محبوساً بعفو رئاسي لكن الإخراج السيئ (المقصود غالباً) لهذا الأمر بعث بالنفور علي كثيرين ليشككوا فيمن خرج، وفيمن طالب، وفيمن عمل علي هذا الملف. أتخيل وزير الداخلية ورئيس المخابرات ومدير المكتب الفني للنائب العام أمام الرئيس يطالبونه بستة أشهر للانتهاء من الملف (بالمناسبة مضي عليه تسعة أشهر منذ تحدث الرئييس فيه للمرة الأولي)، لكنني لم أستطع أن أتخيل الرئيس وهو يصرخ فيهم بأسلوبه الشهير: تسع شهور إييييييه.. هما شهرييين.. الناس مظلومة خلوهم يعيدوا مع أهاليهم.. اعملوا تحرياتكم وطلعوا المظلومييييين.. أنا بشهد ربنا عليكم. كنت أتمني أن أسمع الرئيس وهو يقول: فيييين ميثاق الشرف الإعلامي، اللي هو من بنود خريطة المستقبل يا فندم انت وهو، وفين التشريعات المحترمة اللي تضبط المهنة مش تكبت علي حريتها.. قصادكم شهر يا يطلع يا نطلعه بقانون وتبقوا انتو المقصرين أمام الله والناس. كنت أتمني أن أسمع الرئيس وهو يقول: عيب يا فندم اللي بيحصل علي الشاشات من شتيمة الناس بأمهاتها والسخرية منهم. إحنا بنبني البلد فساعدونا نبني بدل ما تتخانقوا مع بعض ونشوف قلة الأدب دي.عيب يا فندم تقولوا معلومات غلط حتي لو في صالحنا، لأننا مش هنبني مستقبلنا علي كذب. صحيح أن الرئيس يصر، ويردد أنه لا يتدخل في الإعلام، لكن أن يتحول لساحة شتائم وتخوين، وبدلاً من دعم إعلام وطني حقيقي أصبحنا نسمع شتائمنا من السفلة واتهاماتنا بأننا طابور خامس من المطبلاتية والمخبرين، وبعض من يغطي سفريات الرئيس نفسه والذي يوصل رسالة للجميع، مهما أصر الرئيس علي خطئها، أنه راض عما يقوله هذا الإعلامي أو ذاك. كنت أتمني أن يخرج الرئيس في افتتاح قناة السويس ويقول: شكراً للهيئة الهندسية صاحبة الإعجاز الهندسي للمشروع ونرجو أن تسامحونا لأي أخطاء سابقة غير مقصودة، ليغلق صفحة (جهاز الكفتة) تماماً. كنت أتمني أن يصرح الرئيس بأن (البنات) المظلومات، واللاتي تم حبسهن لرفع لافتة، سيقضين العيد مع أسرهن، كما تمنيت أن يصدر الرئيس تعليماته بتطبيق القانون علي مظاهرات أمناء الشرطة ما طبق من قبل علي غيرهم من شباب هذا الوطن. كنت، ولا زلت، ولو قلت لي: هو الرئيس هيعمل كل حاجة؟؟ سأرد: ها نحن نحارب معه بالإشارة للخطأ لعلاجه، وعلي المسئولين والأجهزة المشاركة في الحرب بجدية، من أجل الحق، بدلاً من نظرية هيا بنا نخربها.