ليست القضية حسني مبارك.. وليست حكم نظام.. سواء حكم هذا أو ذاك.. ولكن القضية هي محاولة الآخرين دس أنفهم في أمور مصر الداخلية أو من ينصبون من أنفسهم أوصياء علينا أو ناصحين لنا، أو أن قلوبهم علي مصر وشعبها.. أو أنهم دعاة حماية حقوق الإنسان ونشر الحرية والديمقراطية.. هؤلاء الأوصياء أشخاصا أو دولا، كبروا أو صغروا لا حق لهم في الوصاية علي الشعب المصري، أو مناصرة فريق علي آخر، هؤلاء من يلبسون رداء الفضيلة والنصح والارشاد وهم شياطين في ثوب الوعاظ، والأولي بهم الاهتمام بشئونهم.. لقد نسوا بلاويهم مع شعوبهم، وانتهاكات حقوق الإنسان الصارخة والمخالفة لكل القوانين والمواثيق الدولية في بلادهم، وما فعلوه في دول أخري لحماية أنفسهم، وجعلوا من أنفسهم أوصياء علي الشعب المصري هؤلاء كاذبون حاقدون علي مصر.. أتركوا لشباب مصر وقيادتها ضبط حركة الاصلاح في هدوء بعيدا عن الفوضي والخراب، هؤلاء لا يريدون غير الوصاية علي مصر من دولة كبيرة مثل أمريكا لتدور في فلك سياستها ومصالحها.. فقضيتها ليست أن يبقي حسني مبارك أو يزول.. ولكن انشغالها أن يأتي حاكم تابع لها، منفذا لأوامرها. ليست قضيتها أن يعيش الشعب المصري في الرفاهية والحرية والديمقراطية أو أن يعيش في جوع ويحكم بالعدل أو الديكتاتورية، ثورة الشباب قادرة علي تحقيق مطالبهم العادلة، وبدون وصاية أمريكا وذيولها من المصريين. لم نسمع من البرادعي كلمة حرية وديمقراطية وحقوق الإنسان عندما زجت أمريكا بالآلاف في سجونها بعد العملية الارهابية في 11 سبتمبر 1002.. ولم تسمع أمريكا لنقد العالم عندما احتلت العراق وخربته وقتلت أبناءه، وكذا الحال بافغانستان، فليكف أوباما وإدارته عن التلون بكلمات لا يمارسونها مع اصدقائهم الاسرائيليين وهم يدوسون الشعب الفلسطيني بالأحذية.. ويحتلون أرضه، ولم تدس مصر مصر أنفها في تركيا عندما ضربت شعبها من الاكراد بقنابل النابلم في غارات جوية علي اقليمهم وكذا سوريا المحكومة بالحديد والنار وقطر التي لا حول لها ولا قوة إلا الصراخ في العالم بقناتها، حتي يذكر العالم أن هناك دولة تسمي قطر.. أو إيران التي أعدمت كل من علا صوته معارضا نتائج انتخابات رئيسها، وتجد في مصر الآن الفرص لاقامة شرق أوسط إسلامي، كما قال وزير خارجيتها، والذي يعتبر ما يحدث في مصر أحد انجازات الثورة الإيرانية، فإيران لا يهمها ان تعيش في حرية أو ندخل في الاغلال، ولكن فرض هيمنتها علي المنطقة بانهيار مصر حجر العثرة أمامها.. تريد الفوضي وخراب مصر، سواء كان حاكمها حسني مبارك أو غيره. الأزمة الفارقة في تاريخ مصر سوف تضع بالتأكيد توجيهات جديدة للسياسة المصرية الخارجية تعتمد علي اعادة تقييم لمن هم الاصدقاء الحقيقيين لمصر ومن هم الذين يتربصون بها.