عجيب امر المسئولين الذين تمنحهم وظائفهم القدرة علي التصرف ولكنهم ينتظرون الاوامر العليا، يغرقون في شبر ميه.. كما يقول المثل في الامور التي تحتاج لقرارات مصيرية ويضيعون مصالح الناس بإحجامهم عن إصدار القرارات اللازمة والصالحة. موقف إنساني يستحق التقدير اكده المهندس سيد عبدالعزيز محافظ الجيزة عندما خرج لتفقد امتحانات الاعدادية تجاه تلميذين وجد احدهما امام باب المدرسة التي يؤدي بها الامتحان يبكي بحرقة لتأخره لدقائق لظروف طارئة عن اللحاق بموعد بدء اللجنة فأمر علي الفور بادخاله وتهدئته. والثاني طالب معاق يجلس علي كرسي متحرك ولا تسمح ظروفه بأن يجيب علي الاسئلة بشكل طبيعي كغيره من زملائه الاصحاء رغم مرور أكثر من نصف الوقت وترك ورقته خالية لم يكتب فيها سطرا واحدا وأمر المحافظ علي الفور بتشكيل لجنة خاصة بعد ان أخبره رئيس الكنترول ان والده لم يخطر الادارة بضرورة توفير لجنة خاصة لابنه !. موقفان غريبان من مسئولي اللجنتين فلولا ان الظروف ساقت المحافظ علي تفقد اللجنتين بالصدفة لضاع مستقبل الطالبين الذي تأخر عن الامتحان والذي لم يجد المساعدة لكتابة الاجابة. إما انهما يتعاملان بمنطق الجمود ونظام »وانا مالي« فأثرا عدم اتخاذ قرار ابسط ما فيه هو الحفاظ علي مستقبل الطالبين واما ان الخوف سيطر عليهما من ان يقوم آخر بشكواهما لمحابتهما للطالبين. الامر لا يحتاج إلي اي تعقيد أو تفسير خارج النطاق الانساني ولكنه مع الاسف يدلل علي ان العقليات مازالت تتعامل بالروتين البالي تؤدي عملها بالقوانين والاوامر الجامدة وليس بروحها. حالة الطالب المعاق هل كانت تحتاج لتدخل المحافظ ولو لم يشاهده ماذا كان سيحدث؟ والمسئول عن اللجنة ألم يحن قلبه أو ألم تسمح له سلطاته ومسئولياته بانتداب أي إنسان غريب ليساعد الطالب المسكين علي الاجابة؟ هل تمنعه أي معوقات عن اتخاذ هذا القرار البسيط ؟. عيوبنا مع الاسف في كل المصالح والادارات والوزارات وفي كل القطاعات وعلي كل المستويات الوظيفية اننا نجعل من المركزية سيفا مصلتا علي رقابنا ننتظر المسئول الكبير ليتخذ لنا ابسط القرارات مع انها في ايدينا ولا تحتاج إلي استشارة أو مشورة أو لف ودوران. لماذا الخوف وعدم المواجهة لو ادي كل منا دوره في حدود وظيفته دون تجاوز أو تقصير لانصلح حالنا ولو قضينا علي المركزية في دواوين مصالحنا ووزاراتنا وهيئاتنا ما رأينا شاكيا أو مشكوا في حقه. افكارنا وسلوكياتنا يجب ان تتغير وتصرفاتنا وقراراتنا يجب ان تتسم بالمرونة قطعا في حدود القوانين واللوائح ولكن بروحها بلا جمود. اذا فعلنا ذلك لن نجد من يبكي لانه ظلم أو يصيح بأعلي صوته صارخا لان حقه ضاع أو ان يقدم علي حرق نفسه ليأسه من انصافه كما رأينا خلال الاسابيع الماضية. هناك من المآسي التي تسبب فيها امثال المسئولين عن لجنتي الامتحان رغم هيافة الواقعة ضاعت فيها حقوق للناس أو تعرضوا للسجن والحبس وهذا ما لا نرضاه لأي انسان. الأمر يحتاج إلي شجاعة وهذه يجب ان ننميها في شبابنا باعتبارهم هم جيل المستقبل، أما هؤلاء العاجزون عن ان يقدموا الحلول لمشاكلنا فعلينا إبعادهم. وأن نبحث عمن يجيد التصرف بحكمة وعدالة.