الثلاثاء 3 يناير من عام 1989 - السابعه صباحاً.. استيقظت وكلي أمل في شفاء والدي ثم ارتديت ملابسي وودعت خالي الممثل والمخرج المسرحي عادل أنور وزوجته وقتها الفنانة عبير عادل اللذين جاءا للإقامة معي في شقة الدقي بسبب وجود والدي بالمستشفي وذهبت إلي مدرستي مدرسة نفرتيتي بالدقي لآداء إمتحان الهاي ليڤل الخاص باللغه الإنجليزيه واللغة الفرنسية للصف الثالث الإعدادي..إنتهيت من الإمتحان الأول إمتحان اللغة الإنجليزية وفي وقت الفُسحة وقفت وحيداً ولم أشترك مع زملائي في لعب الكرة علي غير العادة...أشعر بمشاعر غريبة.. تائه..في حلم...أنظر لكل الأشياء بنظرة باهتة ومختلفة... وكأن زملائي يظهرون حولي في صورة خيالات تتحرك سريعة وفي الخلفية فلاش أبيض يطغي ضوؤه علي بصري ويؤثر علي حدقة عيني ويغمرني شرود غريب لايتوافق مع سلوكي الإجرامي الدائم في المدرسه ولا أدري حتي الآن ما هي الأسباب التي وضعتني في هذه الحاله !!..دق الجرس وذهبت تائهاً بخطوات ثقيلة إلي فصلي لآداء إمتحان اللغة الفرنسية، جلست في مكاني وبعد توزيع ورقة الأسئلة مارست هوايتي في الإهتمام بإجابات زملائي أكثر من اهتمامي بنفسي! وفجأه... دخلت مدام سيسيل معلمة اللغة الفرنسيه.. قصيرة..سمينه..ترتدي باروكة لافتة للإنتباه..أعتقد أن علاقة مدام سيسيل بي كانت قد وصلت إلي مرحلة تتجاوز المعزة الموجودة بين الأتراك والأرمن !!! فقد كانت تكرهني بشدة بسبب بلادتي وغلاستي وأشياء أخري.. إقتربت مني مدام سيسيل فتوجست خيفة وبحنان غريب عليها وعلي كل المشاركين في اللحظة من تلاميذ زملاء ومعلمين وضعت يدها علي كتفي وسألتني بصوت لم يسمعه الجيل الذي تعلم علي يديها.. مدام سيسيل : حبيبي.. محتاج حاجه؟.. شعرت وكأنها تنصب لي كمين ( محضر ضرب مثلاً أو سرقة سلسلة) الموقف عبثي !!! فتمنَّعت... أنا : شكراً يا مدام... وكأنها لم تسمعني سحبت ورقة الإجابة الخاصة بي وتخيلت أنها تبحث عن البرشام ( طبعاً البرشام مش اللي بيتضرِّب، البرشام اللي هو ملخص المنهج اللي بيتكتب بخط صغيَّر عشان الفشله اللي زيي يستعينوا بيه).. ( وكأني ألقي بيان ) : لقد كنت رائداً في مجال البرشام وخلَّاق فيه، ولي تكنيكي الخاص والعديد من الأساليب المبتكره التي وتحدي لم ولن يستطيع مخلوق أن يكشفها، وقد أخذت عهدا علي نفسي ألا أفصح عن هذه الأساليب حتي لا تتناقلها الأجيال الجديده وأتسبب في تصدير نوعيات جديده من عَّينتي ( انتهي البيان) احتقرت نفسي لأني ظلمت مدام سيسيل فقد فاجأتني بكرم غريب ووضعت أصبعها علي الأسئله وأشارت لي علي بعض الإجابات التي من المفروض أن أختارها من بين الأقواس ثم أشارت لي أمام سؤال آخر بعلامات (صح وغلط) وبانتهازية التلميذ البليد نسيت شرودي ونظرتي الباهتة للأشياء ولهثت أكتب الإجابات كالنشال الذي يهرب بمحفظة الضحيه ثم ربتت مدام سيسيل علي كتفي بحنان أعجب وأعجب بعد أن اطمأنت علي إجاباتي وابتعدت وسط ذهول مني ومن زميلي الجالس بجانبي (صديقي محمد يحيي أحمد).. حتي حدثت الطامة الكبري ودخلت ناظرة المدرسة ميس إجلال وهي التي كادت أن تطلب لي الشرطه قبلها بأسبوع واقتربت مني وقلبي يخفق بقوه...وبشفقة ملحوظة لشخص أصبح شاعرا بعد ذلك.. ميس إجلال: عامل إيه في الإمتحان يا أيمن؟ أنا : الحمد لله... ربتت هي الأخري علي كتفي وأبتعدت وهنا أدركت كل شئ ونظرت إلي صديقي محمد يحيي... أنا: أبويا مات يا يحيي...! سلامو عليكو