«تدمر» تحمل اسما لاتينيا هو «بالميرا».. أي «النخيل»، أما اسمها الآرامي «ترمورو» فانه يعني.. « الجميلة» أحد الأسماء القديمة لمدينة تدمر السورية هو «عروس الصحراء»، واسمها في اللغة السريانية هو «ترموتو» أي «الأعجوبة». انها تقع علي مسافة 215 كيلو مترا شمال شرقي دمشق، وهي احدي المدن الأثرية -عالميا- وترجع أهميتها التاريخية ايضا إلي انها كانت عاصمة مملكة من أهم ممالك الشرق، وهي مملكة تدمر.. وظهر اسمها في المخطوطات البابلية بمعني «بلد المقاومين» باللغة العمورية أو «البلد الذي لا يقهر» باللغة الآرامية القديمة. وهناك ما يشير إلي أن تدمر كان لها وجود سنة 2500 قبل الميلاد. وارتبط اسمها بامرأة شرقية غير عادية صنعت أمجاداً ودافعت عن درة الحضارة ومهد التقدم الانساني بكل شجاعة وإقدام وجعلتها، لفترة طويلة، عصية علي الغرباء، انها الملكة زنوبيا «240- 274م» التي سطع نجمها وذاع صيتها في مشارق الأرض ومغاربها عندما تولت المسئولية عقب اغتيال زوجها «اذنينه»، امبراطور الشرق القديم، وابنه «حران» عام 266م، بأوامر من قيصر روما «اورليان»، إلا أن الأخير لم يستطع إخضاع زنوبيا، بل هي التي حطمت هيبته وغروره، ولم تقبل أن تقدم له فروض الولاء، كما رفضت ان تكون بلادها تابعة للامبراطور، وامتد نفوذ زنوبيا من نهر الفرات شرقاً حتي ضفاف دلتا النيل مع التوسع والازدهار لكي تصبح أكبر منافس للامبراطورية الرومانية. انها الملكة المثقفة صغيرة السن التي تجيد كل اللغات الشائعة في عصرها والواسعة الاطلاع والفائقة الجمال، والتي تتميز ايضا بذكاء خارق، ومؤهلة للحكم الرشيد، بل ان هذه «الملكة المحاربة» كانت تتقن فنون الفروسية والقتال في مقدمة صفوف جيوشها. وقد رفعت هذه الملكة من شأن الكتاب والمثقفين والفنانين في بلاطها، وأشهرهم «كاسيوس الحمصي» مؤسس علم وفلسفة الجمال. وتحتوي تدمر علي كنوز أثرية: أعمدة ومعابد مزخرفة ومدافن ملكية وتماثيل عبقرية ونقوش وبوابات وخزانات وأقواس نصر ذات قيمة فنية عالية وقلعة تاريخية ومسرح وساحة كبري. وفي يوم السبت قبل الماضي، اقتحمت عصابات الارهاب وقطع الرءوس، الوافدة من زمن الهمجية والبربرية المتوحشة..، مدينة تدمر ودمرت عدداً من التحف الأثرية. وآثار تدمر مدرجة، بواسطة اليونسكو، علي لائحة التراث العالمي للانسانية. وتزداد المخاوف في العالم كله الآن خشية ان يكون مصير آثار تدمر هو نفس مصير آثار متاحف الموصل ونمرود في العراق، و«معلولا» في سوريا ذاتها.. وكما هو معروف فقد دمر المتوحشون 750 موقعا أثريا سوريا حتي الآن، فهم يريدون محو التراث والذاكرة والتاريخ وكل أثر للمدنية والحضارة والرقي لفرض انظمة العبيد والسبايا.. مع ملاحظة انه توجد الآن صفحة علي الفيسبوك لبيع آثار سوريا عبر وسيط في تركيا! وكان الأزهر الشريف علي حق عندما اعتبر الدفاع عن المناطق الأثرية في تدمر هو «معركة الإنسانية بأكملها».