حفظنا عن ظهر قلب أن مصر هبة النيل ولكننا لم نحافظ علي هذه الهبة ولم نفكر نرعاه ونحترمه.. تعودنا علي مياهه الوفيرة تجري تحت أقدامنا وأنه حقيقة من حقائق الحياة ولم نقدسه كأجدادنا المصريين القدماء الذين أقسموا علي عدم تلويث مياه النيل، ولكن نحن تركنا مياه الصرف الصحي تختلط بمياه الشرب وتركنا المصانع تلقي بمخلفاتها في النيل وأصبح مكانا للنفايات فألقوا فيه بالحيوانات النافقة وتوارث أهل الريف عادة السباحة في الترع فأصابتهم البلهارسيا وتوابعها من أمراض الكبد ولازالت بعض الفلاحات يغسلن أواني الطعام علي شاطيء الترع..تلك الممارسات البدائية البعيدة عن الحس الوطني لا تناسب المصريين أصحاب الحضارة القديمة.. النيل في مصر مسكين يعاني من نكران الجميل ومن سوء المعاملة من قساة القلوب ومن الإهمال الذي تسبب أخيرا في غرق مركب محمل بالفوسفات في الأقصر وتم انتشال معظم الكمية ورغم تأكيد الوزارات المعنية أن نتائج التحاليل أثبتت سلامة المياه بشهادة وزراء الصحة والري والبيئة لكن المواطن لديه تاريخ من عدم الثقة في كلام المسئولين حتي لو شربوا الماء أمام الكاميرات وصرح أحدهم أن صحته تحسنت بعد شربه فننصحه أن يستمر في شرب مياه النيل ويبتعد عن مياه الزجاجات المعبأة وهي ليست مياها معدنية كما يشاع.. ومع تضارب التصريحات حول حقيقة الشحنة التي غرقت في النيل تسببت في البلبلة بين الناس وزادها حادث تسمم أكثر من 600 شخص في الإبراهيمية بمحافظة الشرقية ووفاة واحد منهم بسبب مياه الشرب وأكد المسئولون أنها من محطات أهلية أو من الطلمبات الحبشية وهنا نتساءل : ومن سمح للأهالي بإقامة هذه المحطات والطلمبات التي قد تصل إلي أعماق تختلط فيها بمياه الصرف الصحي ؟ وهل قامت المحافظات بواجبها لتوفير مياه شرب نقية تغني الناس عن هذه الوسائل غير المأمونة ؟ التقصير عند المسئولين عن المحليات والمحافظين دون شك..فالغريب أن نسمع عن محطات مياه أهلية وصرف صحي أهلي عن طريق الطرنشات كما يصنعون المطبات الصناعية بالشوارع أينما شاءوا وبأي ارتفاع عشوائي يريدون ويقتطعون من الطريق العام مسافات يحولونها إلي مواقف أو جراجات، كل هذا في غيبة الحكومة لهذا لابد من تفعيل وثيقة حماية النيل بإجراءات قوية ورقابة صارمة وتوعية المواطنين لترشيد استهلاك المياه، إنها ثروة لا نقدر قيمتها.. استيقظوا يرحمكم الله !