شعار الثورة «عيش- حرية - عدالة اجتماعية» هو ترجمة مفصلة للمعني الأكبر الذي يريد المواطن أن يشعر به وهو الإحساس بأنه قد عادت إليه إنسانيته بالأمس مرت الذكري الرابعة لثورة 25 يناير التي أسقطت نظامًا لم يكن يتخيل أو يحلم أحد أنه سيأتي عليه يوم ويسقط.. كسر حاجز الخوف في رأيي هو أحد أهم النتائج التي ترتبت علي ثورة الشباب في يناير 2011 بحيث إنه لم تعد هناك قدرة لأي نظام أتي أو سيأتي علي أن يرهب الشعب المصري أو يجبره علي الاختباء في الجحور أو إجباره علي السير كما يقولون بجوار الحائط خوفًا من بطش النظام. ورغم الأحوال الاقتصادية والاجتماعية السيئة التي عاشها المواطن قبل ثورة يناير إلا أنني أري أن الشعب لم يتفاعل مع ثورة الشباب لإسقاط النظام من أجل أن تتحسن أحواله الاقتصادية فحسب ولكن من أجل أن يأتي بنظام جديد يشعر معه بإنسانيته وآدميته، وهو الأمر الذي افتقدناه جميعًا مع نظام مبارك الذي كان يشعرنا أننا عبء عليه، أكثر من ذلك أنه كان ينسب المشاكل كافة التي تعاني منها البلاد إلي الشعب نفسه بدلاً من أن يعترف بضيق أفقه وعجزه عن إدارة شئون البلاد والعباد. وشعور المواطن بإنسانيته يتطلب من الحكومة أن تتحرك في اتجاه إيجاد حلول للمشاكل التي يعاني منها يوميًا وأبرزها موضوع العلاج وهو الأمر الذي يفرض الاهتمام الجاد بالقطاع الصحي المنهار مثله في ذلك مثل قطاعات كثيرة نتيجة سنوات الإهمال العجاف التي عشناها تحت مظلة الحزب المسمي زورًا بالوطني - سامح الله من سماه ووصفه بالوطنية- لأنه لو كان وطنيًا بالفعل ما كانت البلاد قد وصلت إلي الحال المتردية التي نحن عليها والتي جعلتنا في ذيل الأمم. أعلم أن إمكانيات الدولة ضعيفة وأنها تسيّر أمورها يومًا بيوم، ولكن المواطن لم يعد تقنعه أو ترضيه الوعود والتصريحات الرنانة، لأنه أكل وشبع من مثل هذه الوعود خلال أكثر من 40 عامًا تحمّل خلالها ما لا يتحمله بشر حتي نفد صبره، ولم يعد يقبل أو يتقبل إلا الفعل الذي يشعره أن الحكومة تتحرك بجدية وبتأثير حقيقي في اتجاه رفع المعاناة التي أثقلت كاهله، وهو ما لم يشعر به المواطن للأسف حتي الآن رغم مرور 4 سنوات علي ثورة 25 يناير.. صحيح أن الأمور لم تسر في خط مستقيم منذ اندلاع الثورة ولكني أخشي أن طاقة المصري علي التحمل لم تعد كما كانت قبل 25 يناير 2011 وهو الأمر الذي يجب أن يضعه المسئولون بالدولة في الاعتبار بدلاً من أن يظلوا يطالبون الشعب في كل مناسبة بالصبر. كما ذكرت في البداية فإن من أبرز مكاسب ثورة يناير كسر عقدة الخوف التي تمكنت منّا لعدة عقود، وهو الأمر الذي يجب أن تضعه الحكومة التي تدير شئون البلاد في الاعتبار وألا تطمئن كثيرًا لصمت المصريين وتعتبره حالة من الرضي، وأنه بات علي المسئولين أن يفهموا أن زيارة مفاجئة لمستشفي أوعقاب بعض الأطباء والممرضين لاتهامهم بالتقصير لم يعد ينطلي علي الشعب الذي بات من الصعب خديعته أو الضحك عليه، خاصة والكل يعلم أن من المستشفيات الحكومية ما لا يمتلك الحد الأدني من الأدوية التي تساعد علي أقل تقدير في علاج جرح بسيط ! شعار الثورة «عيش- حرية – عدالة اجتماعية» هو ترجمة مفصلة للمعني الأكبر الذي يريد المواطن أن يشعر به وهو الإحساس بأنه قد عادت إليه إنسانيته. الدقة المفتقدة الأخطاء الفادحة التي أشارت إليها زميلتنا الصحفية الشابة ياسمين السيد هاني في تقريرها المنشور علي الصفحة الثالثة بجريدتنا « الأخبار» أمس والتي تتعلق بالترجمة الإنجليزية لجدول المؤتمر الاقتصادي الذي تبذل الدولة قصاري جهدها لتجمع فيه أكبر عدد من قادة دول العالم ومعهم نخبة متميزة من المستثمرين العرب والأجانب.. هذه الأخطاء التي أشارت إليها الزميلة ياسمين هي أكبر دليل علي أننا مازلنا نفتقد دقة الأداء. الأمر جد خطير لأنه بمجرد وصول الدعوات بهذه الأخطاء إلي من نتمني حضورهم فإنه سوف يترك انطباعًا من الوهلة الأولي أننا أناس غير جادين وغير منضبطين، ولن يصدقوا مهما قلنا لهم إننا اتخذنا من الإجراءات ما يوفر لهم مناخًا مناسبًا للاستثمار، هذا إن لم تجعل هذه الأخطاء بعضهم يتردد في الحضور أصلاً بعدما رأي منا هذا الإهمال في أبسط شيء وهو الدعوات الموجهة إليهم للحضور، وهو ما يعني أن القصيدة من أولها كفر! الذين أخطأوا هذا الخطأ الجسيم لا يستحقون أن يظلوا في مواقعهم ويجب استبعادهم فورًا من أي ترتيبات لها علاقة بالمؤتمر أو بغيره.