هل كانت حادثة الاسكندرية الشنيعة ايذانا ببدء موجة مخططة لما يسمي »الفوضي الخلاقة« حيث تختلط جميع الاوراق والملفات والمفاهيم بهدف اعادة ترتيبها لانشاء واقع جديد علي الارض؟! هذه الفكرة أصبحت موضع نظر واهتمام كثير من المراقبين للمشهد العام في مصر. ومجرد الاستماع لسيل التعليقات ومتابعة المظاهرات واللافتات والهتافات المتصاعدة ورصد اللقاءات والحوارات التي يجري بثها بشكل محموم ومستفز وبتوسع في كل وسائل الاعلام يوضح بجلاء ان الجميع يساهم في هذه الفوضي الخلاقة بمنتهي العفوية وحُسن النية والحماسة!! وازداد دفع عربة الفتنة لتمضي بأقصي سرعة عندما دخلت الأزمة حيز النقاش في المجالس البرلمانية وبدأ كل الراغبين في الظهور بمعان جديدة وبكلام مؤثر يستخرجون من كل الملفات القديمة والحديثة ما يثري فكر الفوضي الخلاقة بطرح اوراق وخلطها بأوراق عابرين بها حواجز لم يكن ممكنا اصلا التفكير في عبورها فإذا هي تمر وسط حالة استباحة لا تجد من يردها!! وقد ازداد اعجابي بصفوت الشريف رئيس مجلس الشوري والدكتور مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية ليقظتهما وحرصهما علي ان مناقشة الازمة داخل حدودها الطبيعية. فهي فاجعة حقيقية اصابت كل مصري في قلبه واستنفرت كل المصريين لمواجهة عدو مشترك ومن الخطأ الجسيم قبول تحول هذه المواجهة لتكون بين عنصري الأمة المصرية وإذا كان هناك من يستغل المأساة ويريد الخروج بها عن سياقها فلابد ان ننتبه لان أمن مصر وسلامة نسيجها الوطني يجب أن يغلب أي اعتبار تسعي تلك »الفوضي« لفرضه علينا! حرية الإعلام يجب أن تتسم بالحصافة والرصانة.. فليس من مصلحة أحد استحضار كل الصور البشعة والمؤلمة للدم والاشلاء والدمار ليعاد عرضها علي شاشة بعض الفضائيات ليلا ونهارا. وليس من الحصافة استضافة رموز المتشددين والمتجاوزين ليكونوا هم وقود الاعلام في هذه المرحلة ليزيدوا الجروح غورا وألما.. واذا كنت اوجه اللوم الي اللامعة لميس الحديدي في عرضها المستفز وبصورة تؤجج مشاعر الغاضبين فإني علي الطرف الاخر احيي الزميل المحترم خيري رمضان علي حسه الوطني الرفيع وعلي انه ينوب عن جموع المشاهدين له في الرد المقنع علي الآراء والافكار التي تزيد الازمة اشتعالا.