الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم وبعد: يقول الله عز وجل: »ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز« سورة الحج آيه 04 قال الحافظ ابن كثير: أي لولا أن الله يدفع بقوم عن قوم ويكف شرور أناس عن غيرهم بما يخلقه ويقدره من الأسباب لفسدت الأرض ولأهلك القوي الضعيف. قال ابن عباس: الصوامع معابد الرهبان والبيع معابد اليهود والصلوات كنائس النصاري والمساجد فهي للمسلمين. وفي صحيح مسلم في كتاب فضائل الصحابة في باب »وصية النبي صلي الله عليه وسلم بأهل مصر« عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: »إنكم ستفتحون مصر وهي أرض يسمي فيها القيراط فإذا فتحتموها فأحسنوا إلي أهلها فإن لهم ذمة ورحما«. والشريعة مبناها وأساسها علي الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد وهي عدل كلها ورحمة كلها ومصالح كلها وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت من العدل إلي الجور وعن الرحمة إلي ضدها وعن المصلحة إلي المفسدة وعن الحكمة إلي العبث فليست من الشريعة. وما وقع في الإسكندرية من تفجيرات آثمة جاهلة سفكت دماء المسلمين والنصاري ومزقت أشلاءهم وطالت أماكن عبادتهم وبثت الرعب والفزع وزعزعت الأمن والاستقرار وحرمت الناس الطمأنينة والهدوء... هذه التفجيرات الغاشمة الظالمة ليست من الإسلام أبدا في شئ بل هي تسيء للدين والدنيا ولو استحكمت هذه الفتن لما أمن أحد منا علي نفسه ونسائه وأولاده وأمواله.. وتفتح علينا وعلي بلادنا باب شر لا يعلم خطورته إلا الله و لذا أنا أؤكد للجميع أن فقهاء الإسلام قد اجمعوا علي أن قتل المسلم والذمي كبيرة من كبائر الذنوب وقد نص الإمام ابن حزم في »مراتب الإجماع« علي وجوب حماية أهل الذمة وهم »رعايا الدول الإسلامية من غير المسلمين«. وفي الحديث الصحيح الذي رواه أبو داوود أن النبي صلي الله عليه وسلم قال »ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو آخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة«.. وفي صحيح البخاري أنه صلي الله عليه وسلم »من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما«. وفي الحديث الصحيح الذي رواه أحمد وغيره أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: »من أمن رجلا علي دمه فقتله فأنا برئ من القاتل وإن كان المقتول كافرا«. فهذا العمل الظالم اعتداء علي شعب مصر كله وتقف وراءه أيد آثمة جاهلة تسعي لبث الرعب لزعزعة الأمن والاستقرار في مصر ولهذا فعلينا جميعا أن نقف صفا واحدا في وجه دعوات الفرقة والتشرذم واشعال نار الفتن التي دمرت »ولازالت« كثيرا من بلاد المسلمين. وفتحت الباب علي مصراعيه لتدخلات خارجية ظالمة فأحذروا المصائد والحبائل والمكائد.. فإن النار بالزئدين توري..... وإن الفعل يسبقه الكلام فإن لم يطفها عقلاء قوم..... يكون وقودها جثث وهام ولذا فأنا أخاطب العقلاء من المسلمين والنصاري بأن يتعاملوا مع هذه الفتنة بحكمة بالغة ومراعاة تامة لمصلحة بلدنا الحبيب. وأسأل الله أن يحفظ مصر من كل مكروه وسوء وأن يردنا وولاة الأمور إلي الحق ردا جميلا وأن يعصمنا وبلادنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن انه ولي ذلك ومولاه وصلي الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.