الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي نبينا سيد المرسلين وعلي آله وصحبه أجمعين وبعد: فقد علمت بحادث تفجير مروع وقع في الاسكندرية أثناء احتفالات النصاري بعيد الميلاد، وأن شابا فجر نفسه في جموع الحاضرين مما أسفر عن مقتل أكثر من عشرين نفسا من النصاري والمسلمين، واصابة أكثر من مائة، إصابة بعضهم خطيرة. وهذا الذي حدث لا يجوز شرعا، ومرتكبه آثم، والقصد منه إشعال نار الفتنة في بلادنا، لاسيما في الآونة الأخيرة، والمشهد كله يحتاج إلي قراءة صحيحة وعاقلة، فهذا التوتر الكائن بين المسلمين والنصاري خلفه مقصد رئيس لإعدائنا، وهو إشاعة ما اصطلحوا علي تسميته ب»الفوضي الخلاقة« في بلاد المسلمين. ومقصدهم: الفوضي المنظمة التي تقوم علي أصول لإشاعة أكبر قدر من الفساد وليست الفوضي بمعناها العام، كما لو قلت: إن المؤسسة الفلانية تحولت من الفساد إلي إدارة الفساد. ومعلوم أن الفتنة إذا وقعت واتصل شرها بالعوام فلن يستطيع إطفاءها كل عقلاء الدنيا، فالذي ينبغي أن يكون ولا يجوز غيره هو توعية الجماهير بالأحكام الشرعية والآداب المرعية، وذلك بنشر العلم الصحيح بينهم، وفتح الباب أمام جهود العلماء الربانيين الذين تثق الجماهير في علمهم ودينهم وجعل الله لهم لسان صدق في الناس، فلن يرجع الناس إلي الحق والعدل إلا أن يعرفوا كلام الله ورسوله وتفسيره علي وجهه الصحيح الذي كان فاشيا في السلف الصالح، وصار الآن غريبا كل الغربة.. فيجب علي الدولة ان تحشد كل طاقتها بالحق والعدل لوقف هذا النزيف. ومعلوم لكل من يقرأ المشهد قراءة صحيحة- حتي لو علي عجل- أن أعداءنا لا يريدون بمصر خيرا، ولن ينجينا من هذا إلا أن نرجع إلي الله عز وجل ونطرح أنفسنا علي عتبة عبوديته، ونستعين به حق الاستعانة بعد بذل الأسباب الصحيحة. وعلماء الشريعة هم الجهاز المناعي للأمة فيجب تقويته والحرص عليه وما انتصر المسلمون علي أعدائهم كالتتار مثلا إلا لما قام العلماء بدورهم وساندهم الأمراء. فالعلماء هم الملوك بغير تيجان، وتنحيتهم عن المشهد خسارة جسيمة، والله أسأل ان يحفظ مصر وسائر بلاد المسلمين مما يراد لهم من قبل أعدائهم، إنه علي كل شيء قدير وبالإجابة جدير.