التحرك المصري علي أرض العراق الشقيق امر محمود وإن كان قد جاء متأخرا نتيجة الظروف الامنية القاسية التي افرزها الغزو الأمريكي الجائر علي هذا البلد العربي بتاريخه العظيم. تمثل ذلك في الزيارة التي قام بها أحمد أبوالغيط وزير الخارجية مكلفا من القيادة السياسية العليا للتهنئة بتشكيل الحكومة وحضور افتتاح قنصلية مصرية في مدينة البصرة. جاءت هذه المبادرة المصرية مواكبة لعملية الانتهاء من تشكيل الحكومة الجديدة التي شهدت اجراءات ولادتها تعثرا شديدا استمر لأكثر من سبعة شهور بعد انتهاء الانتخابات التشريعية.. وينظر المراقبون إلي هذه الخطوة من جانب مصر تجاه العراق العربي في اطار الرغبة في دعم عودته الي الحظيرة العربية واغلاق الطريق أمام عمليات الاستقطاب التي لا تحمل أي خير من جانب قوي اقليمية. وبهذه المناسبة تم افتتاح قنصلية لمصر في البصرة كما يجري الاعداد لفتح أخري في كردستان. وخلال الزيارة اعلن ابوالغيط ان المجال مفتوح وبلا حدود للتعاون بين البلدين - مصر والعراق- في جميع المجالات . أكد ان مصر جاهزة لوضع كل خبراتها وامكاناتها لمساعدة العراق للنهوض من كبوته وتبوؤ مكانته اللائقة بين الجماعة العربية باعتباره عنصرا فاعلا ومؤثرا. وفي هذا المجال وتعظيما لرغبة مصر في دعم العلاقات الاخوية بين البلدين الشقيقين قال أبوالغيط انه سيتم زيادة أعضاء السفارة المصرية في بغداد للمساهمة في اتاحة المزيد من فرص التعاون. من المؤكد ان هذا التحرك من جانب مصر نحو العراق سوف يشجع باقي الدول العربية الاخري علي مد أواصر التعاون والتفاهم التي انقطعت لما يقرب من عشرين عاما في اعقاب الغزو الصدامي للكويت ثم بعد ذلك الغزو الأمريكي للعراق وما اعقبه من احداث مأساوية. ولا جدال ان التواصل العربي العراقي يعد امرا مطلوبا في هذه المرحلة التي تتطلب العمل الجاد علي ملء الفراغ السياسي الذي شهده هذا البلد العربي طوال هذه السنوات. لا جدال ان مثل هذا التقارب العربي مع العراق أصبح ضروريا لوقف المد الايراني الذي أصبح يهدد كيان هذا البلد العربي مدفوعا بحمي الرغبة في تصفية الحسابات القديمة وانعاش استراتيجية الهيمنة والسيطرة علي منطقة الخليج العربي. وليس خافيا ان توقيت هذا التواجد المصري علي الساحة العراقية يأتي في وقت غاية في الأهمية حيث يستعد فيه الاحتلال الامريكي الغابر الي الرحيل بعد الجريمة الكبري التي ارتكبها في حق هذا البلد وسيادته ووحدة أراضيه وشعبه. ولا يمكن في هذا المجال التغاضي عن الدور السلبي الذي لعبه هذا الاحتلال الامريكي الذي اتاحت ممارساته العدوانية في العراق وسياساته الغبية الفرصة لايران لترسيخ وجودها وتعظيم نفوذها بصورة تهدد أمن واستقرار هذا البلد . اننا ونحن نتحدث عن هذا الجانب يجب ألا ننسي عجرفة التدخلات الايرانية في شئون العراق الداخلية والتي كانت سببا مباشرا في تعطيل تشكيل حكومة تضم كل الاطياف العراقية الوطنية وتفتح الطريق أمام وقف مسلسل الارهاب والدمار الذي يعاني منه الشعب العراقي. وبالطبع وحتي تأتي هذه المبادرة المصرية التي عكستها زيارة أحمد أبوالغيط وزير الخارجية للعراق بالثمار المطلوبة فإنه لابد من استمرار التواصل وهو ما عبرت عنه التصريحات الصادرة بانشاء لجنة مصرية عراقية مشتركة علي مستوي عال سوف تقوم بعقد اجتماعاتها قريبا في بغداد بحضور مجموعة من وزراء البلدين لبحث خطة تطوير العلاقات والعمل علي ازالة أي معوقات أمام خطوات التعاون. وقد أسفرت المحادثات المصرية العراقية عن مساندة مصر لعقد القمة العربية القادمة في بغداد باعتبارها خطوة مهمة لتأكيد انتماء العراق العربي. من جانب آخر كان هناك تجاوب من جانب بغداد مع التوجهات المصرية تجاه العراق وابدي المسئولون العراقيون استعدادهم لبحث كل القضايا العالقة بعقل مفتوح خاصة ما يتعلق منها بديون الافراد والشركات والحكومة. هذا التطور في علاقة مصر بالعراق يعد بمثابة رسالة ايجابية للدول العربية والي القوي الاقليمية الاخري المحيطة. انه وبكل المقاييس تجسيد للدور المنوط بمصر عربيا واقليميا كما انه مؤشر ايجابي علي مواصلة هذا الدور لصالح امتنا العربية ولصالح الشعبين المصري والعراقي. ان من مصلحة هذه الأمة ان تتحرك يدا واحدة أساسها المودة والاخلاص والنية الصافية من أجل احتواء العراق في حضنها حتي لا يشعر بالغربة التي تقوده في اتجاهات لا تخدم المصلحة القومية العربية. جلال دويدار [email protected]