من حقك أن تفخر الآن بأن لديك رئيس جمهورية يحترمه العالم.. رئيس حملته: محبة الله له من قلوب المصريين إلي عيون واذان وعقول العالم. رئيس أعاد للعالم مكانة مصر. تحتل الأممالمتحدة موقعا مهما علي الطرف الغربي من جزيرة مانهاتن أهم منطقة في نيويورك. وينفرد مبناها المهيب بطراز معماري مميز يوحي بعظمتها وسيطرتها علي العالم. وقد زرت مبني الأممالمتحدة أكثر من مرة.. وشاهدت احدي دوراتها في منتصف الثمانينيات. كنت أشعر بالهيبة في هذا المكان الذي شهد أهم لحظات تاريخ العالم في النصف الثاني من القرن العشرين.. واستقبل أهم زعماء العالم الذين رسموا التاريخ فيما بعد الحرب العالمية الثانية. هنا وقف زعماء الدنيا يلقون كلماتهم الي دول وشعوب العالم. ومن الطبيعي أن يكون استقبال الحضور في القاعة والمتابعين من خارجها لأي كلمة يلقيها زعيم أو قائد أو مندوب دولة مختلفا حسب الموقف من الدولة أو الرئيس نفسه أو حسب ما يقوله ويردده من كلمات. عبد الناصر ألهب حماس الدول التي كانت تتطلع الي الحرية والاستقلال والتخلص من الاستعمار فصفقوا له وهتفوا باسمه.. السادات أبهر العالم بانتصار عسكري انحني له العالم تقديرا وأبهره بمبادرة سلام شجاعة فحمله العالم علي الأعناق.. مبارك كان محددا في رسائله ومنبها ومحذرا وحكيما ولم يخرج عن النص.. السيسي كان في خطابه الأول مساء الأربعاء مختلفا جدا. فهو جمع بين الرؤساء الثلاثة في حماسه وثورته.. في ثباته وثقته بنفسه.. في هدوئه وحكمته. كان واضحا في مشاعره الرقيقة عندما بدأ كلمته بأنه يقف أمام الحضور بالجمعية العامة للأمم المتحدة، كأحد أبناء مصر، ولم ينس أن يوجّه التحية لآلاف المصريين خارج الأممالمتحدة الذين جاءوا للتعبير عن مصر الجديدة. كان محددا عندما قال ان شعب مصر العظيم صنعَ التاريخَ مرتين خلال الأعوام القليلة الماضية.. تارة عندما ثار ضد الفساد وسلطة الفرد، وطالب بحقه في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.. وتارة أخري، عندما تمسك بهويته، وتحصن بوطنيته، فثارَ ضد الإقصاء، رافضاً الرضوخ لطغيان فئة باسم الدين، وتفضيل مصالحها الضيقة علي مصالح الشعب، لكنها ليست إلا مرحلة من مسيرة ممتدة، بطول وباتساع آمال وتطلعات المصريين، ليومٍ أفضل وغدٍ أكثر ازدهاراً. كان واثقا من نجاح الشعب الذي خرج في 30 يونيو في مهمته عندما قال: لقد بدأ العالم في إدراك حقيقة ما جري في مصر، وطبيعة الأوضاع التي دفعت الشعب المصري، بوعيه وحضارته، إلي الخروج منتفضاً ضد قوي التطرف والظلام، التي ما لبثت أن وصلت إلي الحكم، حتي قوضت أسس العملية الديمقراطية ودولة المؤسسات، وسعت إلي فرض حالة من الاستقطاب لشق وحدة الشعب وصفه.. ولعل ما تشهده المنطقة حالياً، من تصاعد التطرف والعنف باسم الدين، يمثل دليلاً علي الأهداف الحقيقية لتلك الجماعات التي تستغل الدين، وهو ما سبق لنا أن حذرنا منه مراراً وتكراراً. إن قيم العدل والمحبة والرحمة التي جاءت في اليهودية والمسيحية والإسلام قد تحولت علي يد تلك الجماعات ( بالطبع يقصد كل الجماعات المتطرفة وإن لم يسمها فهي لا تستحق أن يتلوث بذكرها أي لسان ) إلي طائفية مقيتة وحروب أهلية واقليمية مدمرة يقع ضحيتها أبرياء من أديان مختلفة. كان محددا عندما نقل للعالم أن تحقيق أهدافنا بدأ ببناء دولة مدنية ديمقراطية .. دولةٌ تحترم الحقوق والحريات وتؤدي الواجبات، تضمن العيش المشترك لمواطنيها دون إقصاء أو تمييز.. دولةٌ تحترم وتفرض سلطةَ القانون الذي يستوي أمامَهُ الكافة، وتَضْمَنُ حريةَ الرأي للجميع، وتَكْفُلُ حريةَ العقيدةِ والعبادةِ لأبنائها.. دولةٌ تسعي بإصرار لتحقيق النمو والازدهار، والانطلاق نحو مستقبل واعد يلبي طموحات شعبها. ولعل في مشروع قناة السويس الجديدة، هدية الشعب المصري إلي العالم، ما يؤكد علي جدية هذا التوجه، وعلي حرص « مصر الجديدة « علي بناء غدٍ أفضل لأبنائنا وشبابنا كان معبرا بصدق عما يحلم به المصريون من القضاء علي الارهاب الذي عانت مصر من ويلاته منذ عشرينيات القرن الماضي (طبعا واضح هنا بماذا يرتبط هذا التاريخ ) حين بدأت إرهاصات هذا الفكر البغيض تبث سمومها، مستترة برداء الدين للوصول إلي الحكم وتأسيس دولة الخلافة، اِعتماداً علي العنف المسلح والإرهاب كسبيل لتحقيق أغراضها.. كان محذرا ناصحا للعالم بخطورة الارهاب فهو وباءٌ لا يفرق في تفشيه بين مجتمع نام وآخر متقدم.. فالإرهابيون ينتمون إلي مجتمعات متباينة، لا تربطهم أية عقيدة دينية حقيقية، مما يحتم علينا جميعاً، تكثيف التعاون والتنسيق لتجفيف منابع الدعم الذي يتيح للتنظيمات الإرهابية مواصلة جرائمها، وإن ما تعانيه منطقتنا من مشكلات ناجمة عن إفساح المجال لقوي التطرف المحلية والإقليمية، وحالة الاستقطاب إلي حد الانقسام والاقتتال، أضحي خطراً جسيماً يهدد بقاء الدول ويبدد هويتها.. مما خلق للإرهاب وتنظيماته بيئة خصبة للتمدد وبسط النفوذ. ولذلك لابد من الاسراع في حل الأزمات في المنطقة في فلسطين وليبيا وسوريا والعراق. وهنا تجيء اللحظة التاريخية التي لم تشهد القاعة الكبري للأمم المتحدة سابقة لها وهي اللحظة التي ردد فيها الرئيس الوطني الذي جاء من قلب الشعب هتافه الأثير لديه: تحيا مصر.. ويردد الحضور وراءه.. ويفهم الذي لا يعرف العربية أن هذا الرجل قادر علي اثارة حماس الجماهير وأنه زعيم يحترم وطنه وشعبه لذلك أحبه الشعب .