في الوقت الذي اصبح فيه الانترنت مجالا لتكوين صداقات او ابرام صفقات او حتي الارتباط بالزواج بين اشخاص لم يسبق لهم التعارف بأي شكل من الاشكال تولدت الحاجة إلي وسيلة تشبه جهاز الكشف عن الكذب لكشف مدي صدق الاشخاص الذين يلتقون علي الانترنت ويجلسون بالساعات امام الشاشات يتبادلون الاحاديث والحكايات التي عادة ما تنتهي بصدمة للطرفين. وقد تمكن ثلاثة افراد في فرنسا من قراءة افكار شخص في الهند بشكل مباشر بدون اي تواصل بينهم سواء بالكتابة او بالصوت عن طريق جهاز نقل الافكار الذي وضعت وحدة منه علي مخ الرجل الهندي وثلاث وحدات اخري علي رؤوس الثلاثة الاخرين علي بعد الاف الاميال عبر الانترنت. وبالرغم من ان الفكرة تبدو مستحيلة الا انها نجحت بالفعل بفضل الوحدتين واحداهما للبث يتم تركيبها علي رأس المرسل والأخري للاستقبال يوضع علي رأس المستقبل في اي مكان في العالم تتوافر فيه خدمة الانترنت. قام بتصميم وحدتي الجهاز فريق من علماء الأعصاب والمهندسين من جامعات ومعامل في اوروبا وامريكا. وقد تمكنوا من خلال تجربة الرجل الهندي من ارسال رسالتين بهذه الطريقة وهما كلمتا (هولا) و(سياو) وكلتاهما تعنيان مرحبا باللغتين الاسبانية والايطالية. وقال العلماء في تقريرهم الذي نشر في مجلة "بلوس وان" إن الفكرة تعتمد علي تسجيل النشاط الكهربائي في المخ لدي المرسل وارساله في رسالة عبر تكنولوجيا يطلق عليها "بليدنج ايدج" لتصل إلي المستقبل من خلال الانترنت ومن خلال وحدة الاستقبال يتم ترجمتها مرة أخري إلي موجات عصبية في دماغ المستقبل. وتشبه الفكرة إلي حد ما طريقة تحويل الصوت إلي ذبذبات ثم تحويل الذبذبات إلي صوت مرة اخري عند استخدام الهاتف ولكن بطريقة أشد تعقيدا. ويقوم جهاز البث او الارسال الموضوع علي رأس المرسل بتسجيل النشاط الكهربائي في المخ في شكل رسالة لونها ابيض علي خلفية سوداء تنتقل إلي شاشة الكمبيوتر لاسلكيا. ويتولي الجهاز ترجمة الرسالة التي يريد الشخص ارسالها في شكل شفرة مضغوطة وعندما يفكر الشخص في اي شيء فإن الرسالة البيضاء تتحرك في اركان الشاشة بنفس الطريقة التي يستخدم بها بعض الاشخاص الكمبيوتر المتصل بالاجهزة التعويضية مثل الذراع والرجل في تحريك الاشياء او نقلها. وتنتقل الرسالة بعد ذلك في شكل رسالة ثنائية عبر الانترنت. بعد ذلك يقوم المستقبل بترجمة هذه الرسالة عبر جهاز تحفيز مغنطيسي علي الرأس له القدرة علي بث نبضات كهربائية في جمجمة الاشخاص المستقبلين. وتجعل هذه النبضات الاشخاص يشاهدون اضواء في مجالهم البصري غير موجودة بالفعل. هذه الاضواء يتم تفسيرها من خلال عملية معقدة اخري إلي افكار عن طريق الكمبيوتر ايضا وهي نفس الافكار او الكلمات التي كان يفكر فيها الطرف المرسل. انها عملية شاقة وطويلة. لكنها في حالة تطويرها لتصبح اكثر سرعة واسهل استخداما فسوف تغير تماما شكل وطريقة استخدام الانترنت لدي الكثيرين. وتعتمد التكنولوجيا الجديدة علي ما يطلق عليه برمجيات الاعصاب التي تعمل عدة معامل علي تطويرها في السنوات الاخيرة. لكن الباحثين اشاروا إلي انهم لا يتوقعون أن يكون للتجربة تطبيقات عملية أو آثار علي المجتمع في المستقبل القريب.