ثلاثة أيام في مباراة واحدة.. هل هذا معقول؟ نصف يوم بالتمام والكمال لشخصين في مباراة واحدة. الماراثون التنسي هو الحدث الاكبر في غرائب الرياضة في 2010. المباراة التي اطلق عليها الاعلام لقب (مباراة بلا نهاية!). بطولة ويمبلدون العريقة للتنس كانت مسرحا لمباراة العام او العقد او القرن او التاريخ.. وهي تصلح لكل الازمنة. ولا يذكر الا نادرون ان القاضي الرئيسي للكرسي العلوي للمباراة من اصول عربية.. وهو الحكم الدولي السويدي محمد الحياني. عندما دخل الاميركي جون ايسنر والفرنسي نيكولاس ماهوت في السادسة وثلاث عشر دقيقة مساء الثلاثاء 22 يونيو 2010 الي الملعب رقم 18 احد الملاعب الفرعية في قلعة كل انجلترا في العاصمة لندن.. لم يهتم احد باللقاء سوي مجموعة من الاصدقاء وعدد محدود جدا من الصحفيين والمصورين.. واتجهت بقية المتفرجين الي مباريات النجوم المصنفين والمرشحين للالقاب المختلفة للفردي والزوجي في البطولة. وعندما انتهت المباراة ظهر 24 يونيو كانت كل وسائل الاعلام المحلية والعالمية وكل محطات وشبكات التليفزيون في الملعب تنقل اهم واكبر واغرب حدث في تاريخ اللعبة وربما الرياضة.. المباراة الاطول في عالم التنس والرياضة بالزمن والاشواط.. واستمرت 11 ساعة و5 دقائق ودامت عبر 183 شوطا. ايسنر المصنف رقم 23 في البطولة بينما جاء المغمور ماهوت عن طريق التصفيات ولم يكن له اي تصنيف بين المائة الاوائل.. وتوقع الجميع فوزا سهلا وكبيرا وسريعا لايسنر.. وهو ما سارت عليه المجموعة الاولي بكل وضوح وفاز بها الاميركي 6-4 في توقيت طبيعي.. ولكن الامور انقلبت في المجموعة الثانية مع صحوة الفرنسي وانتزع ماهوت المجموعة 6-3 ولكن المباراة لم تخرج ابدا عن المنطق. تكافؤ هائل ساد المجموعتين التاليتين وتبادل اللاعبان الفوز بهما 7-6 بكل صعوبة لماهوت ثم 7-6 بكل مشقة لايسنر.. وعندما اشارت ساعة الملعب الي التاسعة وسبع دقائق مساء اعلن الحكم ايقاف المباراة لحلول الظلام وضعف الرؤية.. ولاتقام المباريات ابدا في ويمبلدون تحت الاضواء.. زاد الجمهور قليلا في المدرجات عندما استانف اللاعبان المباراة في الثانية وخمس دقائق ظهر الاربعاء وهما متعادلان 2-2 في المجموعات. التكافؤ زاد بل وتحول الي ظاهرة وكلاهما عاجز نهائيا عن كسر ارسال منافسه لان ايسنر الاطول جدا وبفارق عشرين سنتيمترا تقريبا يحطم منافسه بارسالاته الصاروخية.. وماهوت القصير يتلاعب بمنافسه عندما تبدأ مرحلة الرالي لتبادل الضربات. في الساعة الخامسة كان عدم انتهاء مباراة ايسنر وماهوت هو الخبر الرئيسي في كل مكان في الملاعب المختلفة وفي القاعات وبين الصحفيين.. ولم يبق من الزمن الا 45 دقيقة علي تحطيم الرقم القياسي لاطول مباراة في تاريخ ويمبلدون وهو 6 ساعات و56 دقيقة.. وبالفعل تحطم الرقم القديم واستمرت المباراة والطرفان عاجزان عن احراز الفوز الحاسم.. وعندما اشارت ساعة الملعب الي التاسعة وعشر دقائق واللاعبان متعادلان 59-59 حل الظلام مجددا.. ولكن بعد 7 ساعات وخمس دقائق متصلة من اللعب لاطول مجموعة في التاريخ او اطول فترة لعب متصلة لاي رياضة في التاريخ ايضا. الثالثة وثلاثة واربعون دقيقة ظهر الخميس 24 يونيو كان ملعب 18 مكتظا باكبر سعة في تاريخه واكبر عدد من الكاميرات والمصورين ايضا.. ولحسن الحظ استمر اللقاء 75 دقيقة فقط هذه المرة وفاز ايسنر 70-68 وتأهل الي الدور التالي. الطريف في اللقاء الماراثوني ان الحكم السويدي محمد الحياني احتفظ بتركيزه وهدوئه خلال اليوم الثاني الممتد ولم يطلب طعاما او يذهب لقضاء حاجته.. ولكنه أخطأ لمرة واحدة في حساب النقاط وانتبه سريعا لتعديل الامر.. وحتي جهاز الكمبيوتر المخصص لاعلان النتيجة وقع في خطأ بتبديل النتيجة بين اللاعبين وهما متعادلان 47-47 في المجموعة الخامسة. والاغرب ان اللاعبين وبعد اليوم الثاني الرهيب عجزا عن النوم جيدا وكلاهما حرص علي المران صباحا قبل الاستئناف الثالث والاخير للقاء.. والتهم ايسنر بعد التوقف الثاني اكبر وجبة في حياته مؤكدا لزميله اندي روديك انه كان جاهزا لالتهام 12 ساندويتشا عملاقا للبيرجر في تلك اللحظة.