عبدالقادر شهيب في نهاية شهر ابريل الماضي اتصل تليفونيا وزير الدفاع الأمريكي هاجل بنظيره المصري ليبلغه أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما اتخذ قرارا بتسليم طائرات الأباتشي العشرة التي أوقفت واشنطن تسليمها لمصر بعد الاطاحة بحكم مرسي الإخواني، ومضت الأسابيع والشهور ولم تنفذ واشنطن وعدها! ومع اقتراب شهر اغسطس لنهايته عاود وزير الخارجية الأمريكي كيري الاتصال بنظيره المصري ليبلغه مرة أخري أن الرئيس الأمريكي قرر تسليم طائرات الأباتشي لمصر!.. والأغلب أن واشنطن سوف تفي بوعدها هذه المرة بعد أن تهربت من تنفيذه لنحو الثلاثة أشهر.. والسبب أن واشنطن مضطرة إلي مهادنتنا الآن والحفاظ علي علاقات غير متوترة معنا. لقد ادركت الإدارة الأمريكية مؤخرا أن خطر الإرهاب يمكن أن يطولها حتي وان لم تبادر برفع درجات الاستعداد لمواجهته. كما فعلت بريطانيا.. فهي في ذات الوقت تضطر الآن لانفاق بضعة ملايين من الدولارات علي أعمالها العسكرية وغارتها الجوية التي تقوم بها ضد ميليشيات وقوات داعش في العراق.. غير أن واشنطن أيضا وهذا هو المهم صارت تدرك أيضا انها وحدها لن تقدر علي مواجهة خطر داعش وارهابها، وانها في حاجة لبناء ائتلاف دولي قوي وواسع في هذا الإطار.. هذا ما كتبه وزير الخارجية الأمريكي كيري شخصيا في مقاله أمس في صحيفة نيويورك تايمز. إن كيري يعترف بوضوح أن إرهاب داعش الذي اسماه بالسرطان يهدد بلاده، ويعترف أيضا أن بلاده لن تقدر علي مواجهة هذا الخطر بمفردها وانما هي تحتاج لائتلاف عالمي واسع يستخدم أدوات شتي سياسية واقتصادية ومخابراتية لدعم القوة العسكرية.. ولان مصر تتصدي الآن وبقوة وحزم للإرهاب في سيناء وتنشط سياسيا مع دول جوار ليبيا لمحاصرة ومقاومة الإرهابيين في هذا البلد الشقيق فإن واشنطن لا تملك ترف خسارة دور بلدنا في حربها ضد داعش في ظل ما تراكم لدينا من خبرات وأيضا معلومات مفيدة وضرورية لمن يخوض حربا ضد الإرهاب في منطقتنا، خاصة أن وسائل وأدوات وخطط الجماعات الإرهابية في منطقتنا تتشابه حتي وان اختلفت اسماؤها وتعددت قياداتها، بل كلها هذه الجماعات الإرهابية يجمعها التطرف الديني.. ومعظمها انسلخت عن تنظيم القاعدة أو نشأت محاكاة له. لذلك فإن مصلحة أمريكا الآن مهادنتنا والتراجع خطوات إلي الوراءفي التعامل معنا ومراجعة سياستها تجاهنا، خاصة ما يتعلق بتلك الخطوات العقابية التي اتخذتها لاننا اطحنا بحكم الإخوان الفاشي والمستبد، وهي الخطوات التي تركزت في تجميد المساعدات العسكرية والتي تبلغ 1.2 مليار دولار سنويا. إنني موقن ان أي تغير ايجابي لصالحنا في السياسة الأمريكية هو تغيير تكتيكي وليس تغييرا استراتيجيا.. لذلك أي تحسن في هذه العلاقات معنا لا يلغي ما يريده الأمريكان منا وهو فرض الهيمنة الأمريكية علينا وفرض وصايتهم علينا سياسيا واقتصاديا.. وبما اننا لن نقبل ذلك فإن أي تحسن في العلاقات مع أمريكا سيكون.. دوما مؤقتا ولو طال الوقت به.