شهدت الساحة الرياضية ومنابرها الاعلامية المرئية والمسموعة هفوات مهنية من بعض المعلقين والمحاورين واثرت هذه الهفوات علي الطرفين.. المتلقون ابدوا المزيد من التحفظ واعلنوا استهجانهم واعتراضهم ورفضهم دخول الالفاظ البذيئة والعبارات الوضيعة الي بيوتهم من خلال الاجهزة التليفزيونية والشبكات الالكترونية... والمحاورون اختلفت مواقفهم وتباينت ردود افعالهم.. منهم من تقدم باعتذارات عن سقطاته وتقبل العقوبات والجزاءات.. ومنهم من آثر الابتعاد والاحتجاب.. ومنهم من كابر وحاور وتصور انه علي حق وانه لم يقل الا الصدق وانه ربما واصل اجتهاداته الابداعية حتي لو واجهت هذه الاجتهادات التحفظات والاعتراضات وحتي السقطات.. فمثل هذه النتائج مقبولة ومعقولة في عالم الاعلام الحر المفتوح والمسموح. الغريب انه علي قدر تفاوت ردود الفعل بين الاطراف المختلفة.. تفاوتت ايضا المواجهات والمصادمات والعقوبات التي صدرت من القيادات والكوادر الاعلامية والتي جاء علي رأسها انس الفقي وزير الاعلام والمهندس اسامة الشيخ رئيس اتحاد الاذاعة والتليفزيون.. فبينما كان قرارهما حازما وفوريا ولحظيا مع بعض المخطئين فمنعوهم في التو من الظهور بكل وسائل الاعلام المسموعة والمرئية الارضية والفضائية.. كان الموقف والقرار اقل وقعا وأهدأ تأثيرا علي احمد شوبير الذي تمثلت اخطاؤه في توجيه اتهامات غير واقعية لرجالات اتحاد الكرة تسببت في ازمة قومية علي محيط الساحة العربية.. بينما كانت القرارات اكثر تريثا واشد خفوتا تجاه الزلات التي ارتكبها ووقع فيها مدحت شلبي عندما تجاوزت اجتهاداته الحدود اللائقة سواء علي المستوي القومي او حتي المحلي واطلق في الاونة الاخيرة بعض النكات التي كان لها ايحاءات رخيصة ولايزال- بالرغم من الاعلان عن تحويله للتحقيقات امام لجنة الاداء الاعلامي برئاسة د. فاروق ابوزيد- يصدح في برنامجه بل خرج علينا صاحب القناة معلنا تحديه لاية توصيات تتخذها اللجنة. ومع هذه السطور تعالوا نستعرض ما يردد في الصدور حتي وان لم تعلنه الاصوات والحناجر. ضيعات ووسيات يقول فهمي عمر الاعلامي الكبير ورئيس لجنة تقييم الاداء الاذاعي: لا يمكن اطلاق لقب اعلامي الا علي من درس الاعلام وتعلم فنونه علي ايدي متخصصين وفي الاكاديميات والجامعات والمعاهد.. لا يمكن اطلاقه الا علي من اطلع علي قوانينه وتفهم مواثيقه وتحلي بمبادئه والتزم باخلاقياته.. اما ان نترك الساحة يعيش فيه المفسدون والمخربون وغير الواعين او الناضجين وحتي المنفلتين والمتزيدين فهذا غير لائق او مقبول.. ولعلي هنا اؤكد ان الامور انفلت عقالها للدرجة التي شارك في هذا الانفلات ليس المحاورين او المقدمين للبرامج فقط وانما ايضا العاملون في المجالات الاخراجية والانتاجية الذين ركزوا علي مشاهد غريبة واوضحوا سقطات رهيبة جرت بين الجماهير بالمدرجات وقاد بعض فقراتها اللاعبون من الملعب وكأن هؤلاء المخرجين ليس لديهم حس وطني او شعور قومي او حتي حس مهني ولن اخجل من ان اصيح بأعلي صوتي.. الميكروفونات والكاميرات والقنوات ليست ضيعات او وسيات او عزب يمرح ويصدح فيها كل شارد ووارد ويطلق من خلالها شعارات هدامة ويردد عبارات بذيئة ووضيعة.. وهنا تتعاظم الخطايا لانها تكون ضد المجتمع والامة والشعب.. ويصبح الاعتذار غير كاف او مقبول.. ولابد من استبعاد كل من له سابق او تاريخ في الخطأ مهما كانت مكانته ومهما اتسعت دوائر شعبيته.. ولابد لكل العاملين في المجال الاعلامي من ان يكون لهم رخص ويخضعون لاختبارات ويحصلون علي تأهيل علمي وفني راق. ميثاق شرف وتقول د. نائلة عمارة وكيلة كلية الاداب لشئون خدمة المجتمع بجامعة حلوان: ان الامور تدنت بطريقة مسفة وغير لائقة بالمرة وتنذر بخطورة محدقة علي ابنائنا وشبابنا الذين هم عدة المستقبل وأمل الغد.. فاذا كانت البرامج التليفزيونية والاذاعية هي البضاعة الوحيدة والوسيلة الاكيدة المتاحة امام العائلات لتقديمها لاعضائها من مختلف الاعمار والاجناس بعدما تعذرت الوسائل الاخري كالسينما والمسرح لارتفاع اسعارهما.. فلابد ان تكون المواد التي تقدم في هذه الوسائل الاعلامية دسمة ومفيدة ومثمرة وليست سطحية وساذجة ومدمرة.. ولعلي هنا اتساءل هل النكات والعبارات الخادشة للحياء والتجاوزات التي قد تصل لحد السقطات والزلات ضرورية سواء للمقدمين والاعلاميين او حتي للمتلقين من ابنائنا وشبابنا وشاباتنا.. انني اري ان هذه الامور بلغت حدا متواضعا لا يجب السكوت عليه ولا يقبل الاعتذارات والتبريرات ولابد من مواجهته وعدم التسامح معه والغفران له.. المخطيء لابد وان يحاسب ويعاقب.. وحتي لو اعترض بعض دعاة الحرية بان الاعلام لابد وان ينعم بالحرية وان يخضع لسياسة ديمقراطية.. فان تلك الحرية لابد وان تكون بناءة وغير هدامة او مدمرة.. وهنا اطالب المسئولين بوضع ميثاق شرف يلتزم به ويخضع له جميع العاملين في المجال الاعلامي.. كما لابد من عقد دورات ووضع اختبارات وتنقيح لوائح وتصحيح قوائم وسن لوائح ودساتير تضبط الإيقاع الاعلامي في اطر علمية خالصة تفيد الوطن وتضيف للمواطنين وليست تضر بالاهداف الوطنية العليا. ولا نملك في النهاية الا أن نقول.. الإعلام رسالة.. والرسالة امانة.. والامانة صدق.. والصدق حق.. والحق يعلو ولا يعلي عليه.