الإقبال الجماهيري، والطوابير المنتظرة طويلا أمام دور العرض، ربما هي الدافع الأول لمشاهدتي فيلم « الفيل الأزرق» وهي السؤال الملح قبل مشاهدة الفيلم، والأكثر إلحاحا بعد مشاهدته .. كل هذا الإقبال، وكل هذا النجاح لماذا ؟ علي امتداد الفيلم، لا يمكن تجاهل حقيقة واضحة: أننا أمام مبدعين ماهرين، وصناعة سينمائية عالية الحرفية، خيال غير مألوف، ومساحة غير تقليدية، جديدة تماما علي عين المشاهد، تقنية عالية في التصوير، والجرافيك، والموسيقي، والمؤثرات السمعية والبصرية، وأداء تمثيلي مبدع لخالد الصاوي، وإضافة جديدة ومتميزة لكريم عبد العزيز(للأسف ننسي وجود نيللي كريم بالفيلم).. كل هذه العناصر المتقنة والجاذبة، أحسن المخرج مروان حامد استخدامها لصناعة فيلم مختلف، ولغة سينمائية جديدة (يستحق عليها 50 دينارا مكافأة المهارة، و50 جلدة عقوبة إهدار الوقت) تماما كالساحر القديم، الذي عرض مهارته في رشق الخيط في سم الأبرة، فكان أن كافأه الخليفة وجلده...!! عناصرالفيلم ليست سوي أدوات يستخدمها المخرج من اجل تقديم رؤيته المستندة، بالضرورة علي سيناريو متماسك، وهو ما فشل في تحقيقه أحمد مراد، برغم أنه صاحب القصة أيضا.. فالسيناريو مشوش ومرتبك، تتداخل فيه خيوط عديدة، وتتقاطع شخصيات، يخلط بين المرض العقلي، وتعاطي الخمر وعقاقير الهلوسة، والجن والسحر بصورة تفسد الفكرة وتدمرها.. البطل طبيب بمستشفي الأمراض العقلية، مصاب بمرض الفصام، يعاني مأساة موت زوجته وابنته، فينغمس في الخمر والجنس وتناول عقار الفيل الأزرق (دي.إم. تي) أو ما يطلق عليه (رحلة الخيال العلمي) وهو عقار هلوسة، تجعله يري ويسمع أشياء غير موجودة، وينتقل في الزمان والمكان، بما يسمح بحرية قصوي للسرد وللصورة البصرية.. هلاوس وخرافات يتحول فيها الوشم المرسوم علي جسد امرأة الي جن يتلبسها، ويتحول قميص عثماني قديم، مطبوع عليه أرقام، الي درع وحماية.. كل هذة الهلاوس والخرافات، والجن والسحر، والمرض، والعصر المملوكي، وكتاب الجبرتي المسروق من المتحف الإسلامي، لماذا ؟ سؤال لا يشغل الفيلم، ولا يهتم أصحابه بالإجابة عليه.. ولا ينبغي أن يشغلك أيضا، فالفيلم محض خرافة وخيال وتجارة رائجة.. ضجيج بلا طحن!!