سيطرت الأزمة التي تسببت فيها مذيعة في محطة أون تي في علي مناقشات اللجنة الاستشارية التحضيرية التي عقدت أول اجتماعاتها مع رئيس الوزراء المهندس ابراهيم محلب أول أمس في المجلس الأعلي للثقافة وحضرها الدكتور جابر عصفور، أجمع الحاضرون علي خطورة حالة الانفلات الإعلامي الموجودة والتي تتخطي الخطوط الحمراء لأي دولة في العالم مهما كان النظام الذي يندرج تحت هذه الدولة، وركز الحاضرون علي خطورة ظاهرة المذيع الزعيم والتي تفاقمت خلال السنوات الأخيرة، والهجوم المنظم علي المؤسسات الوطنية للدولة خاصة الجيش، وما جري مع سفير أثيوبيا وما وجهته مذيعة أون تي في إلي الشعب المغربي الشقيق من إهانة في سابقة لا مثيل لها في أي جهاز إعلامي بالعالم. وكان المهندس محلب قد بدأ حديثه القصير بالتركيز علي المخاطر التي تتهدد الدولة لأول مرة في العصر الحديث والقديم. إذ تهدف القوي المعادية الآن لمصر إلي تقويض الدولة وليس النظام السياسي أو الحكومة وهذا يعني الفوضي الشاملة وسقوط العالمين العربي والإسلامي. لقد نفذ هذا المخطط في العراق وسوريا وليبيا واليمن الآن علي الحافة أما الصومال فقد اختفت فيه الدعوة بالفعل، أكد المهندس محلب ومعه الحاضرون علي ان الشعب المصري بتحركه الأسطوري في الثلاثين من يونيو أجهض الخطة الشاملة لتفتيت العالم العربي والإسلامي، وأوجد منطقة الأمل الوحيدة في الشرق لتخطي هذه المخططات الكارثية. أسعدني حديث المهندس محلب لأن هذا يجسد وعي الحكومة وبقي أن نري خططا تؤهل الدولة للتصدي وتترجم ما قاله الرئيس ان الدولة في حالة حرب، الحكومة تبذل جهدا هائلا، ويبقي التنفيذ الذي يعكس حالة الوعي بخطورة الوضع واستهداف الدولة من الإرهاب المتقنع بالدين والسائد من الولاياتالمتحدة وأتباعها في المنطقة، توقف المهندس محلب عند الأزمة الأخيرة الخاصة بالمغرب، قال انه أمضي ستة شهور متصلة منذ سنوات في المغرب، وأنه عاش الواقع الثري بالتقاليد والثقافة العربية الإسلامية، وقال ان كل أثر، كل حجر في المغرب، والبشر من قبل الآثار والقلاع والحصون يشهد بدور هذا البلد العظيم في بناء الحضارة العربية الإسلامية ليس في المغرب فقط إنما في الأندلس، وقال ان قوة العلاقات المصرية المغربية أعمق وأرسخ مما يتصور أي إنسان. لقد كانت مصر محطة رئيسية في طريق الحج وكان لذلك أعمق الأثر في مصر، وقال انه زار فاس ومراكش، وبهر بدور جامع وجامعة القرويين في نشر الإسلام في افريقيا كلها، وأكد ان وفدا مصريا شعبيا ورسميا سيزور المغرب وأنه لا يخجل من الاعتذار إذا كان وقع خطأ حتي ولو فردي. قلت ان الإعلام القومي ضرب مثلا علي الدور الذي يمكن ان يقوم به لاحتواء مثل هذه الأزمات الناتجة عن جهل بعض المذيعين الذين لم يعدوا مهنيا أو الذين جاءوا إلي مصر لتنفيذ دعاية سوداء ضد الدولة، وقد ضربت جريدتا الأخبار والأهرام مثالا علي الوعي الوطني والقومي لاحتواء هذه الأزمة منذ اللحظة الأولي. فكان التحرك علي أكثر من مستوي، التعبير المباشر مكتوبا، والاتصالات مع مراكز التأثير في الدولة، والتحية هنا واجبة للاستاذين ياسر رزق ومحمد علام رئيس تحرير الأهرام، وأيضا للوزير سامح شكري الذي أصدر بيانا واضحا وعدة تصريحات مهمة استهدفت إنقاذ الصلات العريقة التي بنيت عبر آلاف السنين وهددتها مذيعة جاهلة بتاريخ هذه الصلات من فضائية عليها الكثير من الملاحظات، وما أكثر المنابر الإعلامية المريبة الآن في مصر والتي يجب كشفها ونقدها من الإعلاميين قبل أي جهة أخري .من الأخبار التي تأثرت لها أن المظاهرة الضخمة التي قامت في الرباط احتجاجا علي إساءة المذيعة لم تمس مصر بكلمة ولم يرتفع فيها شعار واحد ضد مصر أو قيادتها وإنما انصبت علي مصدر الإساءة فقط وهذا يعكس قمة الوعي الإنساني والسياسي والقومي والحضاري من شعب عريق قريب.