وجب علينا أن نتوجه إلي العمل المبدع، فالعمل التقليدي لن يسمن ولن يغني شيئاً، وكثير من الدول التي كانت في وضع اقتصادي أسوأ منا، عندما حركت الأفكار وفعلت الإبداع والابتكار خرجت من شرنقة اليأس والصغار إلي آفاق رحاب، ليس دونها إلا الإيمان بهذه القيمة الجديدة، لقد غابت عن أهدافنا طويلاً، وكانت مجرد كلمات لم تأخذ طريقها إلي الواقع، وغرقنا زمناً في الجدل العقيم الذي أخذنا إلي سبل مسدودة فتفرقت بنا وأخرت نمونا بل ومحت كثيراً من أخلاقنا وروحنا السمحة النظيفة وجعلتنا شيعاً يضرب بعضنا رقاب بعض، أليس ذلك ما حدث في الآونة الأخيرة، لولا لطف الله بنا لعدنا إلي الجاهلية الأولي. وفي الأيام القادمة يراودني حلم شأني شأن كل مصري، أن أري المبدعين والمفكرين وأصحاب الرؤي في طليعة الموكب الوطني، وهو يبحث لمصر عن موضع في العلياء، يليق بتاريخها التليد الذي كان إبداعاً في كل العصور، لم يعد هناك وقت ليضيع منا، وحسبنا ما رأينا رأي العين من دمار لأهم ملامح الحضارة والثقافة والعلوم بأيد لئيمة، ما كنت أحسب يوماً أن سيأتي عليها اللهب ونحن سامدون لا تتحرك لنا نخوة إلا البكاء والعويل. ولقد نعلم كلنا أن الذين لا يعملون ولا يريدون للناس أن يعملوا ينتشرون بيننا بكثرة ولا يخفون علي أحد، سيحاولون ما استطاعوا إلي ذلك سبيلاً أن يثبطوا الهمم ويثيروا الفتن، وأصحابهم يمدونهم في الغيّ مداً، وأجزم أنهم لن يضرونا إلا أذي، وهنا لابد من وقفة مع النفس والضمير، هل تحتمل بلادنا وناسها أكثر مما احتملت من أيام سوداء، أراد الظلام أن يطمسها إلي الأبد، ودفعنا جميعاً ثمناً باهظاً من أغلي وأنبل ما نملك، حان إذن وقت البذل والعطاء وإنكار الذات، لم يعد ينفع القابعون في الأمس معذرتهم، فاقتناص اللحظة والإمساك بتلابيبها وانتزاع النفع منها هو الهدف المستحق لنا، لا تعيشوا إلا في المستقبل، ارفعوا عنه غطاء الخوف والتردد، ولمن أراد غير ذلك فعليه أن يتنحي جانباً ويرحل عن مسيرتنا. الزكاة والصرف الصحي عشنا سنين ندفع أموال الزكاة فإذا هي تقع في النهاية في يد التطرف والمتخذين الدين ستاراً، كثير من الناس كانوا يؤدونها وهم لا يدرون إلي أين تذهب وماذا يصنع بها المتطرفون، وجاء اليوم الذي ينبغي فيه مراجعة هذا الأمر برمته، وحسناً يفعل الأزهر الشريف من إقامة صرح للزكاة يستوعبها بشكل متقن وصارم لتذهب إلي مصارفها وأهدافها كما يجب، وإني لأنقل ما أثاره معي المهندس خالد محمود مساعد وزير الإسكان عن مشروع الصرف الصحي الذي تحتاجه مصر كضرورة قصوي في المرحلة المقبلة للخروج بقري وريف مصر، فهل يمكن لنا أن نؤدي زكاتنا في هذا المضمار.