الملفات الثلاثة للمياه والغذاء والطاقة هي الشغل الشاغل لجميع دول العالم ومنظمات الأممالمتحدة والتي من أجلها نظمت العديد من المؤتمرات العالمية حول مستقبل أمنهم في عام 2050 في الوقت الذي كان التخطيط للمستقبل في مصر غائبا وانقطاع الكهرباء يدخل عام الرابع علي التوالي دون تحسن بل وإلي تفاقم والفجوة الغذائية في تزايد والواردات من الغذاء بأسعارها الحارة التي تلهب دخول الفقراء وتزيدهم نقما يوما بعد يوم وتدفعهم إلي إضرابات فئوية في مختلف وظائف الدولة. وأمن المياه والذي كثيرا ما يرتبط بأمن الطاقة خاصة في دول منابع الأنهار فأصبح مهددا وأصبح الصراع بين المياه كشريان حياه للمصريين وبين المياه كمصدر للكهرباء لغيرها، والتي من المفترض أن تحسم لصالح من يحتاج للمياه لأنها بلا بديل بينما للكهرباء بدائل عدة. الملفات الثلاث هذه هي التي تشكل قوام الإقتصاد القادم سواء بإنتاج المزيد من الطاقة شمسيا أو بالرياح أو بالمياه أو موجات المد والجذب لأمواج البحر وبالتالي فتح المصانع المغلقة وحل أزمة الطاقة في مصر والنظر إلي النهر بموضوعية أكبر من خبراء الطاقة لتوليد الكهرباء من القناطر والسدود المنتشرة علي النيل والتي لم نحسن وضع تصور لتوليد الكهرباء منها جميعا فأصبحت قناطر وسدود ذات قيمة محدودة ولا بد من العمل عليها لاستغلالها كهرومائيا مع النظر في تعديل الإنحراف الكبير للنهر عند محافظة قنا لتعديل مسارة وتوليد الكهرباء مائيا. أمن المياه أمام الرئيس القادم لن يكون في ملف إثيوبيا فقط والتي يأتي منها 85% من مواردنا المائية والتي لن تكتفي بخمسة سدود وليس أربع علي النيل الأزرق بل فقد أنتهت أيضا من دراسات إقامة السدود علي رافدي نهر السوبات البارو-أكوبو لتوليد كميات كبيرة من الكهرباء وهو الرافد الذي يساهم بنحو 13 مليار متر مكعب من مياه نهر النيل ويتساوي مع المياه القادمة من النيل الأبيض بدولة الست، والأمر يحتاج إلي تحركات جادة وحشد عالمي للتوافق وتحديد الأولوية فيما بين الإحتياج إلي مياه وحياة أو فناء شعب بأكمله أو الاحتياج إلي الطاقة والضمير الإنساني العالمي سيكون مع حياة الشعوب مع الماء وعدم الإستغلال والإبتزاز للأخرين. الأمر لا بد أن يمتد أيضا إلي إيقاف التلوث داخليا في النهر عبر 120 مصنعا بلا ضمير وبلا خطط لتوفيق الأوضاع وعبر خمسة آلاف حوضا حكوميا لتجميع مياه الصرف الصحي في محافظات الصعيد وإلقائها في النيل، والنظرة الآدمية البيئية لفرعي رشيد ودمياط وقد تحولا إلي مصارف زراعية وصناعية وللصرف الصحي وفقدا تماما الانتماء إلي نهر النيل العظيم رمز حضارة وتقدم المصريين لجيل حالي أصبح هدفهم الربح فقط علي حساب الإضرار بالغير. أمن الطاقة يمتد إلي محافظة الوادي الجديد بئر طاقة مصر المهمل فمنها الطاقة الشمسية ومنها الوقود الحيوي عبر مليونين من الأفدنة ومياه آبارها المالحة التي لا تصلح لإنتاج الغذاء ولكنها ستكون بوابة الإكتفاء الذاتي والتصديري من السولار الحيوي والإيثانول الحيوي بتحويلها من محافظة حدودية إلي محافظة تنموية وإسنادها إلي أحد خبراء التنمية في الوقود الحيوي لتعود 46% من مساحة مصر إلي عضو فاعل في الجسد المصري والدراسات كاملة ومنقحه ويتبقي فقط القرار بالتنفيذ. فجوتنا الغذائي البالغة 55% حتي الآن وبلا دراسات مستقبلية للحد منها وتخفيضها والتخطيط لمستقبل زراعي بشعار إنتاج غذاء أكثر من مياه أقل غائبة تماما في ظل وزراء زراعة السنوات العشر الأخيرة، ولدي العديد من علماء هذا الوطن من المخلصين الخطط الكاملة للأكتفاء الذاتي الكامل من الفول والذي أصبحنا نستورد 70% منه، والعدس 99% إستيراد، وزيوت الطعام بفجوة 96% وسابع أكبر مستورد عالمي، والذرة وأصبحنا رابع أكبر مستورد عالمي بفجوة 5.3 مليون طنا سنويا، ثم السكر بفجوة 32%، ويمكن لمصر أن تحقق الإكتفاء الذاتي الكامل منهم جميعا في خلال عام واحد إذا ماتم إعادة هيكلة السياسة الزراعية المصرية في إتجاه إنتاج المزيد من الغذاء وليس في إتجاه الإنجازات الإعلامية والفضائية بأن يكون الهدف الأسمي هو أن تعود الزراعة مهنة مربحة وأن يتغني المزارع بحصادهووفرة رزقه فيحافظ علي أرضه ولا يهدرها ويسير في فلك السياسة الإستراتجية لدولة حريصة علي ربحة وتحسين أحواله. ملفات المياه والغذاء والطاقة مع إستقرار الأمن المصري هي أجنحة التنمية والإنطلاق للتحضر مع الرئيس القادم ومصر الجديدة القوية المتحضرة.