بعد توجيه الإهانات إلي الشعب المصري والمؤسسة العسكرية وشيخ الأزهر.. جاء دور القضاء المصري لكي يوجه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان سهامه المسمومة إليه. وجاء الرد الفوري الحاسم من وزارة الخارجية المصرية بطرد السفير التركي في القاهرة. وليس غريبا ان يعجز أردوغان عن فهم ثورة الشعب المصري في 03 يونيو، فهو يعتبر المتظاهرين الأتراك في بلاده مجرد »حفنة من الرعاع«. وخلال هذا الشهر، قام حرسه الخاص بشد سيدة من شعرها وجرها بطريقة مهينة خارج القاعة التي يتحدث فيها لمجرد أنها انتقدت سياسة الحكومة. وواصل أردوغان حديثه داخل القاعة ولم يظهر أي اهتمام بالطريقة الوحشية التي عوملت بها السيدة، بل ان أعضاء حزب أردوغان الحاكم قاموا بالتصفيق الحار تشجيعاً للطريقة التي تعامل بها الحرس مع السيدة! أردوغان يفقد بريقه السياسي يوما بعد يوم.. والدليل علي ذلك حدوث 532 مظاهرة احتجاجية مؤخراً في 76 مدينة تركية سقط خلالها 414 مواطنا جريحا، بينهم من يعاني كسوراً خطيرة في الجمجمة، واعتقل أكثر من 0071 متظاهر قبل ان يتم الإفراج عن بعضهم. والملاحظ ان المظاهرات تحولت من حركة احتجاج لأسباب تتعلق بالدفاع عن البيئة إلي غضب شعبي عارم ضد سياسة الحزب الحاكم والتدخلات في أساليب حياة المواطنين. وفي أغسطس الماضي، صدرت أحكام في تركيا ضد 272 من قادة الجيش والسياسيين والصحفيين بتهمة السعي لإسقاط أردوغان، ووصلت العقوبات إلي حد السجن لمدة 711 سنة أو مدي الحياة في بعض الحالات. وتعرض مشروع ما يسمي بالإصلاحات الذي طرحه أردوغان للتهكم والسخرية من أحزاب المعارضة الرئيسية، لأنه يتجاهل تطلعات الأتراك وحقوق الأقليات والمجموعة العرقية. وكل ما فعله المشروع هو السماح باستخدام حروب »كيو« و»دبليو« و»إكس« اللاتينية التي كانت ممنوعة بسبب استخدامها في اللغة الكردية! ولم تقدم »الإصلاحات« أي حل حقيقي للمشكلة الكردية لإنهاء نزاع دام 92 سنة وأوقع 54 ألف قتيل. يقول »كمال أوغلو«، زعيم حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة التركية ان سياسة أردوغان أساءت إلي العلاقات مع مصر وسوريا والعراق وإيران، وأن جيران تركيا لا يرحبون الآن بالتعاون مع أنقرة. ويقول أيضا ان أردوغان أخطأ في حق مصر وتركيا معاً، وأن موقفه من مصر »أفقدنا حليفاً مهماً في المنطقة«. ويؤكد »فاروق أوغلو«، نائب زعيم المعارضة التركية أنه ليس لأردوغان الحق في التدخل في شئون مصر، وأن شعب تركيا يحترم إرادة المصريين، ولديه ثقة مطلقة في قدرة أبناء النيل علي تحقيق مستقبلهم المنشود. الأوضاع في تركيا ليست علي ما يرام بعد أن ضعفت قدرة أنقرة علي التأثير في جيرانها مما يجعلها حليفا أقل أهمية لواشنطن والغرب ويلحق بمصالحها أضراراً فادحة مع المستثمرين الخليجيين بسبب عداء أردوغان السافر لمصر، والرأي السائد ان تركيا تسير نحو نظام الحزب الواحد مع سيطرة حزب العدالة والتنمية الحاكم علي جميع مفاصل الدولة، كما ان أردوغان يتورط، أكثر فأكثر، في علاقات مع تنظيم القاعدة الإرهابي المتحالف مع التنظيم الدولي للإخوان في تنسيق مكشوف لإقامة نظام تابع لواشنطنوأنقرة وتل أبيب والدوحة وقاعدة للإرهاب الدولي في سوريا تحت رعاية »العثمانية الجديدة«. والكارثة التي تعرض لها أردوغان مؤخرا هي تراجع واشنطن عن عدائها لثورة 03 يونيو في مصر وسيطرة »القاعدة« علي مناطق سورية مهمة مما يفضح موقفه أمام العالم باعتباره المشجع لإقامة دولة إرهابية في سوريا في وقت يفشل فيه الإرهابيون في السيطرة علي مقدرات الشعب السوري.. واستقلال الإرادة المصرية. يقول المعلق التركي »طيفون اتاي« ان أردوغان لا يستطيع الادعاء بأنه ديمقراطي، فهو رجل التعصب الأعمي. ويقول الكاتب التركي »مصطفي اكيول« ان أردوغان يتصور ان من حقه ان يفعل أي شيء يريده. ويؤكد المثقف التركي »علي باير موجلو« ان الرجل يري ان القيم التي يؤمن بها شخصيا هي التي يجب أن تسود المجتمع، والنتيجة هي »السلطة الديكتاتورية« و»شخصنة الدولة« نظراً لإصراره علي أن يضع المجتمع كله في القالب الذي يتفق مع تفكيره، وهكذا أصبح يشكل خطراً علي الحريات. أما المحلل السياسي التركي »أحمد خاقان« فإنه يري أن أخطر الأمور انه لايوجد شخص واحد حول أردوغان يملك الشجاعة ليقول له: »ما تفعله خطأ ولا يمكنك أن تفعل ذلك«، رغم انهم يعرفون ان ما يفعله سلسلة من الأخطاء الفادحة والفشل المتكرر.