يثور التساؤل بالشارع المصري حاليا وفي أعقاب ثورته المجيدة في يناير 1102 عن مصير القضايا المتداولة امام المحاكم المدنية بشأن شق التعويضات المدنية والتي قام أهالي الشهداء بالادعاء مدنيا أمام المحاكم الجنائية والتي كانت تنظر قضايا قتل المتظاهرين ان الجريمة هي سبب الدعوي الجنائية وهي في ذات الوقت اساس الدعوي المدنية التابعة باعتبارها منشأ للضرر المرتب للتعويض المدني وكان الاصل ان تطرح هذه امام المحاكم المدنية بيد أنه استثناء اجيز طرحها امام المحاكم الجنائية تطبيقا لأخذ المشرع وتبنيه للمادة 562 من القانون الجنائي التي نصت علي انه اذا رفعت الدعوي المدنية امام المحاكم المدنية يجب وقف الفصل فيها حتي يحكم نهائيا في الدعوي الجنائية المقامة قبل رفعها أو اثناء السير فيها وهو ما يتعين علي المحكمة المدنية ان تترقب صدور الحكم الجنائي من المحكمة المختصة لتحكم بالتعويض او ترفض وبذلك يكون الحكم الجنائي له حجية امام القضاء المدني أي ان يلتزم القاضي المدني عند طرح الدعوي المدنية يدور وجودا وعدما مع الحكم الجنائي وهو ما أكدته المادة (1531) من القانون المدني الفرنسي الذي قرر قاعدة حجية الشيء المحكوم فيه طالما اتحدتا من ناحية الخصوم والسبب والموضوع فالمضرور في الدعوي المدنية تمثله النيابة العامة في الدعوي الجنائية فهي تقوم مقام جميع من تمسهم الجريمة بما فيهم المجني عليه والسبب في كلا الدعويين منشؤه الفعل الضار الذي استوجب العقاب والتعويض وهناك وحدة في الموضوع حتي ولو أن الدعوي الجنائية موضوعها العقوبة والدعوي المدنية موضوعها التعويض إلا أننا نجد ان الدعوي الجنائية تعتبر مسألة أولية بالنسبة الي الدعوي المدنية ولذا يصبح موضوعها واحدا في نظر القانون. ومن ناحية أخري فإن النظام العام يوجب علي القاضي المدني عدم معاونته للبحث في ما بحثه القاضي الجنائي لكون القضاء الجنائي معترفا به من الجميع باعتباره حقيقة وهو عنوان عليها بمرور الدعوي الجنائية بمراحل مختلفة واجراءات معقدة مما يجعل الحكم الصادر جنائيا ممثلا للحد الاقصي من الضمانات بالنسبة الي المتهم والنيابة ويكون تعبيرا صحيحا وحجة بالنسبة الي جميع المحاكم خصوصا انه من غير المستساغ ولاعتبارات النظام العام ان يصدر الحكم الجنائي بإدانة متهم جنائيا وبعدها يأتي القاضي المدني ويحكم برفض الدعوي المدنية والعكس بالعكس اذا قضت ببراءة المتهم جنائيا فوجب علي المحكمة المدنية القضاء برفض الدعوي المدنية لكونها لا تستطيع اسناد الجريمة والتعويض عنها لشخص برأته المحكمة الجنائية. وهو ما أكدته محكمة النقض الفرنسية بقولها: للأحكام الجنائية حجية بالنسبة الي الكافة فلا يستطيع القاضي المدني ان ينكر ما قرره القاضي الجنائي بشأن وقوع الجريمة وتكييفها القانوني وثبوتها علي المتهم« وهو نفس ما توافرت عليه محاكم النقض المصرية بأحكامها وطبقته. الخلاصة: أن جميع القضايا المحكوم فيها جنائيا بالبراءة اصبح لزاما علي المحاكم المدنية عند نظر شق التعويض القضاء برفض الدعوي والعكس المحكوم فيها جنائيا بالادانة اصبح لزاما علي المحاكم المدنية عند نظر شق التعويض القضاء بالأحقية في التعويض المدني.