نوال مصطفى "لهؤلاء أقول : الحب يا سادة شيء جميل، وطاقة رائعة كنا نفتقدها. هذا الشعب الأصيل كان يبحث عن بطل مخلص، زعيم يمنحونه حبهم..و وجدوه" الساعة السابعة مساءً .. آذان الإفطار يجلجل في أنحاء الميدان الفسيح. أتطلع إلي وجوه الناس، أتأمل تعبيراتهم. ألمح عيونا تلمع بالفرحة، وأشاهد لقطات لبشر متعطشين للحياة. الجمعة 26 يوليو 2013 يوم آخر من أيام الشعب المصري الفريد. الشوارع المؤدية إلي ميدان التحرير تتكدس فيها السيارات، والمشهد مختلف تماماً عن المشهد المعتاد الذي نراه عند آذان المغرب في رمضان. الشوارع الخالية التي اعتدنا عليها في تلك اللحظات أصبحت مكتظة بالبشر، مزدحمة بالسيارات. منظر يهز القلب، ويؤجج المشاعر..عائلات بالكامل الأب والأم والأولاد يترجلون سيراً نحو ميدان التحرير، يحملون زجاجات التمر هندي والكركديه. وعلبا بلاستيكية داخلها طعام الإفطار. فالكل نزل استجابة للطلب الذي وجهه البطل الذي دخل قلوب المصريين، واستقر: الفريق أول عبدالفتاح السيسي. نزل يفطر ويصلي جماعة، ثم يهتف بسعادة وحب مؤكداً تفويضه الكامل للجيش والشرطة في التصدي لجحافل العنف والإرهاب التي تروع أمن البلد، والمواطنين. طائرة الحب الجمعة: أتطلع إلي وجوع الناس، وأسجل بكل حواسي لمحات، حركات، إيماءات، هتافات، أشكالا مختلفة من التعبير تتسم بالإبداع، والابتكار والريادة. صور السيسي بكل الأحجام يحملها المتظاهرون، الذين تجمعوا بأعداد غير مسبوقة ليحتفلوا بإنجازهم، ويشعروا بقيمة تحرير إرادتهم من كل قيد مصطنع، يهدف إلي طمس الهوية المصرية، ويحتمي بشرعية زائفة لا تعبر عن روح الجماهير. صور لأوباما تحمل سخرية مريرة. فمرة يحملون صورة له وهو يرتدي الجلباب الأفغاني ،إشارة إلي دعمه المفضوح لأخونة الدولة المصرية، وذلك المشروع الذي سانده بمليارات الدولارات الأمريكية. وصور أخري لأوباما وعلي جهه علامة (X). ودلالتها واضحة . أن الشعب المصري يرفضك، ويرفض وصايتك انت وإدارتك الأمريكية إذا كنتم تريدون لمصر صاحبة الحضارة العريقة أن تتحول إلي أفغانستان أو عراق أو سوريا أخري. مشاهد متتابعة مؤثرة، تشرح القلب. مجموعة كبيرة من المحتشدين يؤدون الصلاة جماعة أمام دار الأوبرا المصرية. دبابات القوات المسلحة تصطف في مداخل الميدان لحماية الملايين من المتظاهرين تأييداً للجيش والفريق السيسي. مجندون يقفون بملابسهم العسكرية، في ملامحهم فخر، وفي ابتساماتهم وطنية. يقفون أمام الدبابات، بينما يطلب الأطفال والنساء والرجال أن يلتقطوا صوراً مع أبطالهم. أما المشهد المبهر والمبهج في آن معاً فهو مشهد تحليق الطائرات الحربية "الأباتشي" علي ارتفاع منخفض حتي تكون في أقرب مسافة من الجماهير المحتشدة في الميدان. وتلك الصيحات التي تنطلق مرحبة بالطائرات، وأشعة الليزر التي توجه نحوها في مهرجان الفرحة. مشهد مؤثر يحمل الكثير من الشجن ممزوجاً بالأمل الذي ولد أخيراً في قلوب المصريين. صيام المسيحيين مشهد آخر في سيناريو اليوم الكبير يحرك المشاعر بطاقة روحانية، نورانية جبارة. المسيحيون يفترشون أرض الميدان مع إخوانهم المسلمين لتناول إفطار رمضان. المسيحيون صاموا فعلاً في هذا اليوم العظيم. صيامنا نحن المسلمين وليس صيامهم طبقاً للديانة المسيحية امتثالاً لطلب البابا تواضروس الذي وجهه إلي أقباط مصر بالصوم مع المسلمين في هذا اليوم والإفطار معهم في الميدان تأكيداً لروح المواطنة التي تجمعهم، وحب مصر الذي يصهرهم جميعاً في كيان واحد تحت راية واحدة هي : علم مصر. مصر الحقيقية .. والفيسبوكية! السبت: أعود إلي بيتي مشحونة بمشاعر الزهو بهذا الشعب، والفخر بهذا الوطن، أفتح اللاب توب لأقرأ وأشاهد ما سجله الناس عن هذا اليوم العظيم، فأفاجأ بمصر أخري غير التي شاهدتها بعيني، ورصدتها بحواسي في الميدان. مجموعة تشيد، وتعبر عن فرحتها بذلك الموقف الكبير من الشعب الذي وثق بوطنية جيشه، وإخلاص قائده وبطله : السيسي فنزل بأعداد مهولة يؤكد تفويضه له، ودعمه لخريطة الطريق التي وضعها لإنقاذ مصر من الأخطار الرهيبة المتربصة بها والمتمثلة في عصابات العنف والإرهاب التي تشن هجماتها في أماكن متفرقة من البلاد وتشيع جواً من القلق وعدم الارتياح بين المواطنين. ونزل الناس من أجل مصر التي أوحشتنا. مصر الحضارة والتاريخ الملهم والآثار المبهرة التي تجذب أنظار العالم كله إليها. أما المجموعة الأخري التي تريد دائماً أن تضرب كرسي في الكلوب فهم الذين يملأون صفحاتهم بالقلق والهواجس. ويصورون الأمر علي أنه انقلاب عسكري، متجاهلين تماماً ما رأوه بأعينهم في الميدان، وما سمعوه من أفواه المصريين، وما سجلته الكاميرات من صور ولافتات ترصد اتجاهات الناس وآراءهم ورغبتهم في أن تعود مصر إلي هويتها، وشخصيتها وجيناتها الفريدة التي لا تشبه أحدا. هؤلاء يخشون أن تتحول مصر إلي دولة عسكرية، ويشككون في نوايا الفريق السيسي، ويحاولون الإيحاء بأنه بما اكتسب من شعبية كاسحة بين كل أطياف الشعب يستطيع أن يترشح لرئاسة الجمهورية، ويفوز بالمنصب بلا منافس!. لهؤلاء أقول : الحب يا سادة شيء جميل، وطاقة رائعة كنا نفتقدها. هذا الشعب الأصيل كان يبحث عن بطل مخلص، زعيم، هكذا تعود المصريون، أحبوا عبد الناصر ولا يزالون لأنه كان يمثل إليهم صورة البطل. واحبوا السيسي الآن لأنه أنقذهم من خطر ضياع مصر ولا يزال يخوض بكل إخلاص و وطنية تلك المرحلة الحرجة من تاريخ البلاد. وسواء ترشح للرئاسة وترك العسكرية أو اختار أن يبقي رمزاً مضيئاً للزعامة والبطولة والوطنية فسيظل اسمه محفوراً في قلوب المصريين. الحب هو الشيء الوحيد الذي لا يباع ولا يشتري، وقد أحب المصريون الفريق السيسي، وصدقوه، ولن يستطيع أحد أن ينزع حبه من قلوب المصريين مهما أوتي من ذكاء ودهاء. فالمصريون لديهم حاسة التقاط الصدق، وتقدير البطولة. فيا أيها الفيسبوكيون اقرأوا المصريين جيداً. إنه الشعب الذي أبهر العالم كله ولا يزال!. الداعية.. أفضل مسلسل الأحد: شاهدت عددا قليلا من المسلسلات العديدة التي امتلأت بها مساحات البث التليفزيوني في رمضان. شاهدت "العراف" للفنان الرائع عادل إمام والمؤلف القدير يوسف معاطي، وهو مسلسل إنساني جميل، بطله نصاب محترف لكنه إنسان عبقري اجتماعياً وانسانياً، يستطيع أن يجعل كل من يقابله يحبه، حتي ألد أعدائه، وبهذه الشخصية المركبة يحتار المشاهد، هل يعتبره نصاباً، فاسداً، أم يتسامح معه ويتعاطف، ويقدر دوافعه لارتكاب تلك الجرائم!. كثيراً ما سألت نفسي: لماذا نتعاطف كمشاهدين مع شخصيات درامية من المفترض أن نأخذ موقفاً ضدها؟ هل هي جاذبية النجم الذي يؤدي الدور وحبنا له كنجم أم أن طبيعة تلك الشخصيات مركبة جداً إلي درجة مربكة جداً تضعنا في هذه الحيرة؟ أما مسلسل "الداعية" للمؤلف الرائع مدحت العدل والنجم هاني سلامة والنجمة بسمة ومعهما مجموعة كبيرة من الفنانين الكبار والوجوه الشابة الواعدة. المسلسل يشرح بجرأة طبيعة فكر جماعات الإسلام السياسي، وكيف تستخدم الدين كسلاح نافذ، وقوي لتحقيق أهدافها السياسية، ضاربة عرض الحائط بأي مصالح وطنية .. كما يكشف أساليبهم في التعامل مع معارضيهم أو من يخالفهم الرأي. الجميل في المسلسل أن مؤلفه كأنه كان يقرأ الأحداث، ويعرف أن النظام الإخواني الفاشل سوف يسقط، فالمسلسل تم الانتهاء من كتابته منذ شهور طويلة، لكنها عين الفنان التي تستقرأ الأحداث، وتري المستقبل دائماً. الدراما دائماً تسبق بخطوة أو خطوات، وهذه هي قيمة الفن الأصيل. الوزيرات المحترمات الإثنين : من يصدق أننا لدينا الآن ثلاث وزيرات، كل منهن علي درجة عالية من الكفاءة والقدرة علي العطاء المتميز في مجالها. الدكتورة درية شرف الدين هذه المذيعة الهادئة، المثقفة، التي كانت طوال مشوارها الإعلامي مثلاً رائعاً للإعلامية التي تطور ذاتها، وتضيف إلي مهنتها وتحفر بصمتها الخاصة. درية شرف الدين درست السينما وحصلت علي درجة الدكتوراة في التخصص الذي أحبته حتي تجعل من برنامج "نادي السينما" الذي ارتبطت به، وارتبط باسمها موسوعة سينمائية متكاملة، تثري ثقافة المشاهد، وتمتعه في آن معاً، ولذلك أسعدني كثيراً أن تكون هي أول وزيرة للإعلام في مصر. أسعدني كذلك أن تكون لدينا أول وزيرة للصحة هي الدكتورة مها الرباط، التي أعلنت عند توليها لمنصبها الرفيع أن طموحها أن يكون التأمين الصحي هو المشروع الصحيح والمثالي لعلاج كل المصريين. هكذا تنظر المرأة في موقع القيادة إلي مشاكل المواطنين بعين الالتزام والمسئولية والإنسانية التي تتقدم كل شيء. وكذلك الوزيرة ليلي راشد .. وزيرة البيئة التي حولت "حي الزبالين" إلي مجتمع منتج. وحازت علي جائزة "رواد العمل الاجتماعي" لعام 2006 وأنشأت مدرسة يتعلم فيها أطفال الأحياء الشعبية إعادة التدوير. ثلاثة وجوه مشرفة لصورة المرأة المصرية في أهم مواقع صنع القرار. عمار يا مصر. أجمل الكلام: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون " البقرة.