قدرى ىونس الكاشف في يوم 5 يونيو هذا العام تحل الذكري ال46 لحرب الأيام الستة طبقاً للتسمية الإسرائيلية لأسوأ نموذج حرب عربية لم نعد لها جيداً فدفعنا الثمن غالياً ففي حرب 67 كانت الخطة أمريكية إسرائيلية مشتركة بعنوان "إصطياد الديك الرومي" والمقصود منها إيقاع جمال عبد الناصر (الديك الرومي) في هزيمة تطيح بمشروعه القومي طبقاً لرواية الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل . لكن الذي لا يعرفه معظم العرب حتي ما قبل نشر هذا المقال هو "كلمة السر" التي اختارتها إسرائيل كأمر عسكري لقواتها لبدء الحرب بهجوم جوي مباغت علي جميع المطارات العربية في وقت واحد بكلمة سر واحدة مكونة من مقطعين هما " شرشف أحمر " الكلمة الاولي "شرشف " معروفة ومتداولة في عدد كبير من الدول العربية خاصة في بلاد الشام حيث أنها وصف للغطاء الخفيف الذي يستخدمه الإنسان عند نومه في الأيام الحارة أو يستخدم كفرش خفيف علي موائد الطعام لكن أقرب المعاني في حالتنا هذه هو "الكفن" الذي يوضع فيه جثمان الميت أما كلمة " أحمر " فهي تعريف للون ندركه كصورة ذهنية لبعض الزهور أو تعبيراً عن الخطر، أما دلالته الأقرب في كلمة السر الإسرائيلية فهي " الدم " هكذا أرادت إسرائيل أن تختار كلمة السر لحربها ضد الدول العربية عام1967 " شرشف أحمر" أي "الكفن الملطخ بالدم " ففي شهر مايو من ذلك العام شهد الصراع العربي الاسرائيلي منعطفاً حاداً يستند الي مخطط تصعيد سياسي وإستخباري بدأ بتسريب أنباء عن حشود للقوات الإسرائيلية علي الحدود السورية ثم قامت آلة الدعاية الإسرائيلية بإستثمار هذا النبأ غير المؤكد بتوليد مواقف متتالية دفعت الدول العربية إلي درجة تصعيدية نحو الإستنفار والتحرك بجيوشها نحو إسرائيل علي جبهات القتال في مصر وسوريا والأردن فيما كان يطلق عليه " دول الطوق " في إطار برامج حشد معنوي هائل إنساق له بقوة الإعلام العربي بقيادة الإعلام المصري المسموع والمقروء والمرئي... أما داخل إسرائيل فلقد كان الجميع في انتظار معجزة تأتيهم من السماء جهزوا الملاجيء وفر جزء منهم الي دول العالم...كانت معنويات المصريين تحلق بنشوة القوة والاستعلاء مقابل إسرائيل التي راحت دعايتها تبث الخوف والفزع من الدول العربية التي أحاطت بها من كل جانب تتوعدها بالقذف إلي البحر... وأشرق يوم 5 يونيو بنفس شعاع شمس كل يوم...في تلك الأثناء بدأت عجلة الحرب الإسرائيلية تتهيأ للدوران بكلمة السر " شرشف أحمر" لتنطلق معها الطائرات الإسرائيلية من كل قواعدها قاصدة المطارات العربية في وقت واحد لتحيل معظم طائراتها إلي خردة محترقة وإستقبلت مصر الضربة الجوية الإسرائيلية المباغتة إعلامياً بمبشرات النصر "مارشات" عسكرية تلتها بيانات أعلنت عن إسقاط طائرات إسرائيل كالذباب وأخري تحدثت عن التقدم إلي تل آبيب أما علي أرض الواقع في سيناء فلقد أصدرت مصر لجيشها أمراً بالانسحاب إلي غرب قناة السويس أمام تقدم الجيش الإسرائيلي الكاسح بقوة قوامها 70 ألف مقاتل موزعين علي 6 ألوية مدرعة ولواءين أحدهما مشاه والآخر ميكانيكي و3 ألوية مظللين تساندهم مختلف أنواع الطائرات مع إستخدام مفرط لكافة أنواع الأسلحة التي هزت سيناء هزاً عنيفاً في الوقت الذي كانت فيه الإذاعة الإسرائيلية تبث توجيهات للقوات المصرية بالإستسلام مع نداءات متكررة للمدنيين لرفع الرايات البيضاء علي منازلهم ،أما السماء فلقد إمتلأت بالطائرات الإسرائيلية رصداً وقصفاً وإسقاطاً للمظليين فلقد كانت تحالفت قوة التدمير الإسرائيلية مع ماكينة الدعاية والحرب النفسية التي تجيدها الدولة العبرية لتطحن سيناء طحناً ...وفجأة وبلا مقدمات فقدنا سيناء بعد تدمير معظم قواتنا المسلحة وخلال أقل من 72 ساعة فقط (عصر يوم الأربعاء7يونيو) سقطت عاصمتها العريش بعد معركة ضارية أبلت فيها المقاومة الشعبية وأفراد من الجيش المصري المنسحب بلاءً حسناً وتركت الحرب آثارها المدمرة علي سيناء مع مئات القتلي والجرحي مدنيين وعسكريين وهاجر أكثر من نصف سكان سيناء منها إلي المحافظات الأخري وقامت مصر بتنفيذ أكبر عملية ترحيل لسكان محافظات القناة إلي محافظات الداخل... إلي أن حققت مصر نصراً عزيزاً مؤزراً في حرب إكتوبر 73 وبعد أقل من عامين أي في 5 يونيو عام 1975كانت مصر علي موعد مع إحتفالها بإفتتاح وبدء تشغيل قناة السويس إلي أن عادت سيناء لمصر بعد توقيع معاهدة السلام عبر مراحل انسحاب إسرائيلي بطيئة مملة إستغرقت ثلاث سنوات من عام 1979 الي عام 1982 ثم مشارطة تحكيم دولية انتهت بإستعادة مصر لطابا عام 1989... ذهبت الأيام الخوالي وبقي الدرس العظيم : لا تهملوا سيناء ...!!