في عام 1971 التقيت في باريس بسيدة بادرتني بالتحية علي احدا مقاهي الشانزليزيه وقالت لي: - كيف حال مصر؟ وهل تعرفين احدا من اليهود المصريين قلت لها: كانت صديقة في احدي مراحل التعليم الثانوي في اول عام 1950 وكانت دائما حزينة ولا تتكلم كثيرا ولكن تجرأت وسألتها؟ - هل انت حزينة لانك لم تسافري الي اسرائيل؟ ردت بسرعة: - لا اطلاقا انا حزينة لان كل اصدقائنا من المسلمين والمسيحيين تغيرت معاملتهم لنا وقد رفضنا تماما ترك مصر والذهاب الي اسرائيل وبالمناسبة معظم اليهود المصريين لم يذهبوا الي اسرائيل حتي ايام المحنة حينما وجدنا نفسنا مضطهدين من كل اصحابنا بعد قيام اسرائيل. تأثرنا جدا ولكننا لم نترك مصر.. اننا نعيش في مصر ابا عن جد ولنا معابد يهودية هنا وأهمها ما يوجد في شارع عدلي وهو من اجمل معابد اليهود في العالم. وتذكرت هذه الصديقة حينما توفت كارمن زعيمة اليهود في مصر التي كانت من اشد المحافظين علي التراث اليهودي المصري وكانت تهتم بترميم الموجود من المعابد وكذلك من المحافظين بشدة علي التراث اليهودي في مصر الذي ليس له مثيل في يهود العالم لان مصر منذ العصر الفرعوني تهتم بتراثها خصوصا ان معظم التراث المصري سواء معابد او مدافن له خصوصية تختلف عن اي مكان في العالم وكانت السيدة كارمن شديدة الحرص علي تراثها ومصريتها ولم تكن لها اي علاقة بإسرائيل ولا اي منظمة يهودية دولية ولكنها كانت حريصة علي التواصل مع بعض هذه المنظمات لتلقي الدعم ولن تجد الجالية صعوبة في ايجاد زعيمة للجالية اليهودية بعد كارمن ولكن يعود ذلك الي ترتيبات الانتخاب ولكن الامور تشير الي ماجدة شحاتة هارون التي قالت ان من واجبي كابنة لشحاتة هارون اليساري المصري الشديد الوطنية والمعارض القوي لاسرائيل ان انال شرف هذا المنصب لأحافظ علي الطائفة اليهوية وان هناك شروطا اساسية في انتخاب زعيم الطائفة وهي السن ودعم بعض المنظمات اليهودية الممولة للجالية ومباركة السلطات المصرية واري ان دعم المنظمات اليهودية الممولة للجالية سوف تضعفها في اداء الاسلوب المجتمعي. وقد توفت كارمن ونستاين الرئيسة السابقة للجالية يوم السبت الماضي وغالبا سوف تتولي ماجدة شحاتة هارون المنصب وهي من اكثر المحافظات علي التراث وممتلكات الطائفة اليهودية لانها ملك لمصر وجزء من تاريخ البلاد المؤكد والثابت. وانا كمصرية اتوجه الي هذه الجالية الهامة وان يتم تسجيل لكل اقوال اكبر افراد الجالية سنا من النساء والرجال وبالمناسبة فإن ما تبقي من الطائفة اليهودية في مصر لا يتجاوز الخمسة عشر فردا وكلهم من السيدات المسنات واصغرهن السيدة ماجدة شحاتة هارون وهي في الستين من عمرها وهي شديدة الحرص علي استمرارية كفاح والدها الشديد المصرية السيد شحاتة هارون المحامي اليهودي المصري والمعروف بأنه شديد المعارضة لاسرائيل وهناك 17 يهوديا ويهودية في الاسكندرية سوف ينضمون للجالية عند الانتخاب وانه لن يأتي حاخام من اسرائيل ولكن سوف يأتي حاخام من امريكا وآخر من فرنسا للصلاة حتي تتم مصادقية زعامة ماجدة شحاتة هارون للجالية. ان هؤلاء اليهود جزء هام من شعب مصر يحملون تراثه وعاداته وهم حلقة مكملة من حلقات التاريخ ولهم ايضا بعض السلوكيات من التراث الفرعوني الذي لابد ان نحافظ علي هذه الحلقات ليتم التاريخ المصري بكل مفرداته.. هذه المفردات مهمة جدا في ذلك الوقت الذي تتمزق فيه مصر بفعل فاعل وبتعمد.. نجانا الله من هذا التمزق. ان هؤلاء اليهود المصريين بعددهم القليل ومحافظتهم علي مصريتهم بكل تفاصيلها يستحقون الدعم والتحية ولعل الدعم يجئ من مصر لتكتمل الصورة التي يمزقونها الان بسبق اصرار وترصد وحسبنا الله ونعم الوكيل.