جودت عيد كانت الثورة بالنسبة لي واشقائي الثمانية مجرد حلم سيتحقق في أي وقت، لكن تحوله الي واقع يتوقف فقط علي مدي توحد المصريين تحت شعار واحد الشعب يريد اسقاط النظام.. اما والدي ذو ال76عاما فلم يكن يقتنع بهذا الحلم ويري ان الشعب الذي توحد ايام انتفاضة 1952، من الصعب ان يتوحد الان رغم ان الظروف واحدة والسبب كما يري والدي ان حلم التغيير لدي المصريين تجمد الي الاستسلام والرضا بالامر الواقع اختلاف وجهتي النظر بين اشقائي ووالدي يعود الي سبب واحد وهو ان كل شخص منهم يميل الي فكره ويبني نظرياته وفق هذا التوجه، فوالدي ناصري حارب مع عبد الناصر في اليمن وحرب الاستنزاف وشارك في نصر 73 واصبحت نظريات عبد الناصر كما يراها والدي اصبح الوقت مهيأ لتطبيقها، وهنا كما يري يجب القضاء علي الخصخصة وعودة الشعب ليحكم نفسه، اما اشقائي فهم من المؤمنين بفكر جماعة الاخوان المسلمين بعضهم محب والبعض الاخر تنظيمي.. وهم قبل الثوره كانوا مقتنعين بالتغيير، لكن حلمهم الاول والاخير هو ان تعود مصر الي ريادتها وان يصبح الاسلام هو الحاكم بعيدا عن نظريات عبد الناصر او فلسفة السادات او تخبط مبارك. وسط كل ذلك كنت مشتت الفكر تارة اميل الي افكار والدي فأعلن لزملائي وانا في الثانوية انني ناصري وأضع صورة عبد الناصر معي في حقيبتي واعلقها اعلي حائط حجرة نومي، لكن بعد قراءات عديدة في نظريات عبد الناصر فضلا عن تأثير اشقائي الذين يميلون الي الاقناع بلغة سلسة قررت ان اتبني فكر الاخوان المسلمين وكنت في المرحلة الاولي من الكلية، وكان اشقائي يخافون عليّ فنصحوني ان اكتفي بأن اكون محبا فقط.. اصحح بعض الاخطاء عن الاخوان المسلمين دون ان اشارك في فعالياتهم حتي تأتي الفرصة لاعلان ذلك للجميع ما أردته من سرد ذلك هو ان عدد كبير من الاسر المصرية تعيش هذا الانقسام الرهيب.. ما بين مؤيد لفكر ما وما بين معارض لنظريات حاكم يرونه مستبدا او عادلا.. الكل في خندق الانقسام.. وحمي الله مصر من هذا الانقسام ضحكة مبارك لم اتعجب من ضحكات مبارك وهو في قفص الاتهام ولم يثر المخلوع اشمئزازي حينما لوح لاتباعه بيده وكأانه جاء ليفتتح معرضا او مشروعا وهميا كما كنا نسمع في عهده.. لكن ما اثار استغرابي هو قرار النيابة العامه المفاجيء بفحص صحة مبارك، وكأن النيابة استفزتها افعال المخلوع في القفص.. كان علي النائب العام المحترم ان يبادر بتشكيل هذه اللجنه بأسرع وقت، ولاينتظر لرجل متهم بالقتل والفساد يعيد فرض عضلاته مرة اخري ويثير شماتة المصريين في نظام مازال يبدأ اولي خطواته . دعاة المليونيات في مصر هناك من تفنن في اطلاق الدعوات المليونيات.. وهناك من تفنن ايضا في اجهاضها مهما كان هدفها وتوجهها.. في بلدنا نجد من يفتح صفحات كاملة لمليونيات وهمية لايعرفها النشطاء ويبادر هو بتسميتها ويشحن الاخرين لتأييده.. والنتيجة لم يذهب سوي المخربين والبلطجية.. ويكون رده.. الجماهير خرجت في جميع المحافظات.. الشرطة تطلق الناروالغاز المسيل للدموع وتخترق القانون الدولي.. لكن الواقع ان مصر تنقسم اكثر واكثر والبلد معرضة للحرق.. وكفانا شعارات ودعوات الفتنة التي كادت ان تحرق الخصوص وبعدها الوطن . معاتبة عاتبته لانه لم يأخذ بيدها حينما اوشكت علي السقوط.. صرخت في وجهه ماذا حدث لك.. كنت سأهوي علي الارض ومددت يدي اليك ورفضتها.. قال وبصوت يميل الي الحزن.. لم اتعود يوما علي مشاهدتك تسقطين، فأنت دائما شامخة في نظري.. لكن كم مرة طلبت يدك وترفضين.. واليوم رفضتها.. لانني لم ارد ان امسكها وهي جامدة ومهتزة.. واخترت تأجيلها الي يوم تعطيني يدك بارادتك.. وليس بارادة القدر