مر احتفال عيد الأم وظننت أنه كان فرصة لالتقاط الأنفاس واستعادة بعض الحب بين الناس وظننت أيضا انه ربما يخفف من وطأة جمعة »رد الكرامة« التي أعقبته، وبين هذا الظن وذاك خاب ما تبقي لي من ذرة أمل، ان يعود الوئام ولو لبرهة قصيرة تعد هدنة للم الشمل. ما بين الرحمة التي تنبعث من الأم لأولادها ولا تنتظر رد الجميل حتي في عيدها وبين حرب شوارع اشتبك فيها من اشتبك.. لا أدري بما اسميهم متظاهرين بلطجية ميليشيات الكل ضد الكل والبعض ضد البعض ساعات قليلة ساعات رُفع فيها الحب من الأرض مثل الروح التي تصعد إلي السماء فيصبح الجسد صامتا بلا نبض أو حياة وقلوب جفت وتحجرت وصارت تقذف اللهب والنيران لتملأ الأرض ضحايا وجرحي وتخريب ودمار وحرائق في كل مكان. سبحان الله ندعي اننا مسلمون ومؤمنون ومصدقون برسالة سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم ونؤمن بأن مصر كنانة الله وأنها أرض الأنبياء وفيها قدر مكتوب علي أهلها بأنهم يحبون العدل وأن انتظارهم وصبرهم لتحقيقه قدر أيضا وأهلها لا يفكرون للحظة في هدم أو حرق حتي غصن شجرة أو ورقة حتي لو طغي عليهم فرعون نفسه إذن نحن الآن في حالة من الانسلاخ عن الذات وعن تاريخنا وإيماننا بالله وبرسله وكتبه مشهد عداء يدفع كل فريق إلي حافة الهاوية الفريق الآخر وقد كانت موقعة المقطم تمثيلاً للحروب بين فريقين أو أكثر ولكن للأسف ليس فيهم من هو علي الحق بل كانوا جميعا علي الباطل لدرجة تذكرنا بالحروب الضروس القديمة التي تضيع فيها الشعوب من أجل حفنة من البشر يسمون ملوك الأرض سبحان الله.. المسلمون الأوائل أثناء الحروب بين الفرس والروم كانوا يتمنون هزيمة الفرس لأنهم عبدة نار ويتمنون فوز الروم لأنهم أهل كتاب وهي حروب لا ناقة ولا جمل فيها لهم ولكنها الرحمة التي كانت في قلوبهم . سبحان الله سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم وسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه منعا رجلا من تولي أمر المسلمين رغم كفاءته لما وسد إليه من أمر الولاية لمجرد اندهاشه منهما انهما يقبلان أولادهما وأحفادهما وهو لا يحب ذلك ولا يستسيغه فشعرا انه بلا رحمة ويملك قلبا قاسيا وبالتالي لن يرحم الرعية ونحن الآن نترك الرعية يقتل بعضها بعضا ونحرق كل ما امتدت إليه ايدينا حتي صارت الدماء علي الأرض انهارا واسودت صفحة السماء الصافية بدخان الغضب والعداء ومع التظاهر العدائي ضاع التظاهر السلمي انتشرت الحرابة بين الناس وقاموا هم بدور ولي الأمر يأخذون حقهم بأيديهم حتي لو تجاوز العقاب حجم الجرم. الفوضي تعم أرجاء الوطن وإن اختلفت أسبابها لدي القائمين عليها فصار لدينا صحف قتل وحرق وسحل وتعليق علي المشانق وقطع طرق وابتزاز وترويع وخلافه فصعدت ورقة الحب لآفاق أرحب ربما تجد لها متنفسا تعيش فيه تاركة ورقة العزاء للقلوب التي جفت وتحجرت.