بعد أن ودعت مصر شيخ الأزهر د. محمد سيد طنطاوي - رحمه الله- استقبلت جموع المصريين خبر تولي فضيلة أ.د. أحمد الطيب لمهام ولمسئولية الإمام الأكبر استقبالا طيبا وحافلا، صاحبه قدر كبير من التفاعلات والمناقشات الخاصة بتوقعات المصريين و آمالهم وأمنياتهم لما يمكن لمؤسسة الأزهر العريقة ان تحققه أو تسعي لتحقيقه، خاصة في هذه الظروف والتحديات الصعبة وغير المسبوقة التي تمر بها مصر والأمة، وما يتطلبه ذلك من عمل وفكر وأداء علي جميع الأصعدة وخاصة هنا فيما يمكن للأزهر ان يقدمه لمصر وللأمة كلها، ولعلي اقدم في هذا المقال تحليلا سريعا وأوليا لسمات اللغة التي يحتاجها ويريدها الجميع في مصر وخارجها، وذلك من واقع ما حدث من تفاعلات كثيفة في الاعلام، وهذه السمات هي: 1 لغة التمثيل ذات النطاق الأوسع لتشمل كل المصريين ولتعبر عن صوت الأزهر عبر العالم، وأرصد هنا علي سبيل المثال لا الحصر مقولات اتسمت بالمطالبة و الاتزان والاحترام الذي يليق بمقام الإمام الأكبر، وهنا أرصد هذه المقولة من مقال للأستاذ محمد بركات »الأخبار 52/3/0102« جاء فيه: »ونحن إذ نهنئ مصر وجميع المسلمين بالشيخ الجليل لما يتصف به من خلق رفيع وعلم غزير.. فإننا ندرك في ذات الوقت ان الشيخ هو شيخ كل المصريين، وجميع المسلمين وأنه ليس شيخا لمجموعة من الناس دون غيرهم، سواء كان هؤلاء في حزب من الأحزاب، أو طائفة من الطوائف، وتلك من البديهات التي يدركها الكل، ويقر بها الجميع... وأحسب اننا لا نخالف الواقع إذا ما قلنا، ان شيخنا الجليل يدرك ذلك ويعمل به، منذ اللحظة الأولي... ونحن ندرك بالتأكيد ان مقام الشيخ ومكانته، أوسع وأشمل من ذلك، وأنه يتسع في شموله لتمثيل كل المسلمين في العالم الإسلامي كله.. وانطلاقا من ذلك، وإيمانا به يصبح من الطبيعي ان يكون شيخنا الجليل خارج إطار دائرة كل الأحزاب، سواء في ذلك الحزب الوطني، أو حزب الوفد، أو التجمع أو غيرها.. لأن الشيخ الجليل للكل وليس لواحد فقط.. ويؤكد أ. بركات قائلا »ولعلنا لا نذيع سرا إذا قلنا إننا ندرك ان تلك هي قناعة شيخنا الجليل، وان ذلك هو قراره الذي اتخذه بالفعل...« 2 لغة التعبير الحاسم عن مواقف بعينها تمس مشاعر الأمة وهذا مطلب حيوي للجميع خاصة في الظروف الراهنة وهذا نرصده حين أكد الإمام الأكبر د. الطيب بأنه لن يزور القدس إلا بعد تحريرها لأن ذلك يعد اعترافا بشرعية الاحتلال، ورفضه لأي مشاركة مع اسرائيليين في أي مؤتمر، وسعيه لوأد الفتنة بين السنة والشيعة واستعداده لزيارة إيران.. 3 لغة التعبير عن الوحدة الوطنية وتفعيلها ومحاولة التغلب علي خطاب غابة الفضائيات و»الاعلام الاصفر« الذي لا يتعامل مع اخطر قضايانا بالمسئولية المطلوبة والذي اجج وساعد علي وصول ملفات ما يعرف بالفتنة الطائفية إلي حالات مؤسفة في احداث بعينها.. وهذا الأمر يمثل تحديا كبيرا للغاية لكي يعلو خطاب التسامح والاتزان والتعقل علي خطابات غوغائية عديدة... هذا تحد كبير ويحتاج إلي دعم كبير من الجميع.. كي يعلو خطاب رفض التطرف والغلو الذي يجسده الإمام الأكبر ومعه العالم الجليل د. محمود حمدي زقزوق.. وان يصل جهد طويل لكل من د. أحمد الطيب ود. زقزوق ومعهم جهود عدد كبير من العلماء والباحثين والمعنيين إلي عامة الناس.. وهذا تحد كبير يحتاج إلي حلول ابتكارية وأدوات متعددة ينبغي ان يفتح حولها نقاش يصل بالجهود الكبيرة عبر السنين إلي العامة من الناس. 4 لغة يفهمها العالم علي الساحة الدولية.. وهناك لاشك تجارب ناجحة ولكنها قليلة ولهذه اللغة مطالب تتخطي بكثير مجرد اتقان لغة أجنبية ما ويحتاج الأمر إلي فهم متخصص عميق لتضاريس الثقافات الأخري والتعامل مع أمور تقنية علمية عديدة سيكون لتفصيلها سياق آخر. 5 لغة تفعيل القوة الحقيقية - بعيدا عن الاهدار- لمؤسسة الأزهر ولجامعته، فمصر بحاجة ماسة لهذا المطلب الذي لن يتسع هذا المقال لتفاصيله بالطبع وسنعود له في سياق قادم.. إن شاء الله... والله ولي التوفيق وهو وحده المستعان.