د. شوقى عبد الكرىم أكدت دار الإفتاء أن سبب عدم إبداء رأي المفتي في قضية "استاد بورسعيد" هو ضيق الوقت الذي لم يسمح للمفتي بدراسة أوراق القضية بشكل يجعله مطمئنا في حكمه. وأوضحت الدار ان القضية بلغت أوراقها عدة آلاف وتعدي المحكوم عليهم بالإعدام فيها العشرات ولهذا تطلب الأمر دراستها بشكل متأن حرصا علي ضمان تحقيق العدالة القضائية. وأوضحت دار الإفتاء أن ظروف اختيار مفتي جديد ساهمت في تأخر رأي دار الإفتاء ،حيث لم يسعف الوقت المفتي الجديد لدراسة القضية بشكل واف وبصورة يطمئن إليها لكي يرفع تقريره إلي المحكمة الموقرة. وأشار د. إبراهيم نجم المستشار الإعلامي لمفتي الجمهورية أن فضيلة الدكتور شوقي عبد الكريم،مفتي الجمهورية أولي اهتماما كبيرا بهذه القضية منذ أول يوم تولي فضيلته مهام منصبه إيمانا بالأهمية القصوي لهذه القضية أمام الرأي العام وذلك حرصا منه علي ألا تضيع دماء الشهداء الأبرار هدرا أو أن يقتل مظلوم بغير وجه حق. وأوضح نجم أن المحكمة الموقرة كان لديها الخيار بأن تتسلم أوراق القضية بدون تقرير مفتي الجمهورية أو تمهل فضيلته بعض الوقت لإبداء الرأي الشرعي فيها، لأن رأي المفتي حسب القانون استشاري وليس إلزاميا. وقال: يعد إصدار الفتوي في قضايا الإعدام، من المهام المنوطة بدار الإفتاء المصرية، حيث تحيل محاكم الجنايات وجوبا إلي فضيلة المفتي القضايا، التي تري بالإجماع وبعد إقفال باب المرافعة وبعد المداولة إنزال عقوبة الإعدام بمقترفيها، وذلك قبل النطق بالحكم تنفيذا للمادة (381-2) من قانون الإجراءات الجنائية. وأوضح أن ذلك يأتي لما تمثله هذه القضايا من أهمية تتعلق بحياة الإنسان ولو كان مذنبًا ونظرًا لحساسيتها وخطورتها فقد تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات والمراحل التي تمر بها؛ فتقوم دار الإفتاء بالدراسة الكاملة لكل الأوراق والملفات الخاصة بالقضايا الواردة إليها، ويذكر في التقرير النهائي عرض للواقعة والأدلة التي تحملها أوراق الدعوي ومعاييرها في الفقه الإسلامي علي اختلاف آراء الفقهاء، ثم اختيار الرأي الذي يمثل صالح المجتمع، وتسجيل التقارير بعد الانتهاء منها بالسجل الخاص بالجنايات؛ ويرفق التقرير بملف القضية بسرية تامة بمظروف مغلق مختوم يتم تسليمه لمحكمة الجنايات المختصة. وأوضح مصدر مسئول بدار الإفتاء أن قضايا الإعدام تمر بثلاث مراحل هي: مرحلة الإحالة من الجنايات لدار الإفتاء ثم مرحلة الدراسة والتأصيل الشرعي: حيث يفحص المفتي القضية المحالة إليه من محكمة الجنايات، ويدرس الأوراق من بدايتها، فإذا وجد فيها دليلا شرعيًّا ينتهي حتمًا ودون شك بالمتهم إلي الإعدام وفقًا للشريعة الإسلامية أفتي بهذا الذي قامت عليه الأدلة، أما إذا خرج ما تحمله الأوراق عن هذا النطاق، كان الإعمال للحديث الوارد مرفوعًا عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم وموقوفًا عن عائشة وعمر بن الخطاب وابن مسعود وعلي رضي الله تعالي عنهم والذي صار قاعدة فقهية في قضايا الجنايات لدي فقهاء المسلمين: »لأن يخطئ الإمام في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة« لأن القرآن حرم قتل النفس الإنسانية بغير حق، فوجب التحقق من واقع الجريمة وتكييفها وقيام الدليل الشرعي علي اقتراف المتهم إياها حتي يقتص منه. وبإيجاز تصبح ضوابط الفتوي في قضايا الإعدام هي الالتزام بعرض الواقعة والأدلة حسبما تحمله أوراق الجناية علي الأدلة الشرعية بمعاييرها الموضوعية المقررة في الفقه الإسلامي، وتكييف الواقعة ذاتها وتوصيفها بأنها قتل عمد إذا تحققت فيها الأوصاف التي انتهي الفقه الإسلامي إلي تقريرها لهذا النوع من الجرائم. أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة التكييف الشرعي والقانوني: وفيها يقوم بمعاونة فضيلة المفتي في هذا الأمر هيئة مكونة من ثلاثة من المستشارين من رؤساء محاكم الاستئناف، تكون مهمتهم دراسةَ ملف القضية لبيان ما إذا كان الجُرم الذي اقترفه المتهم يستوجب إنزال عقوبة القصاص حدا أو تعزيرًا أو قصاصًا أم لا، ونظرًا لخطورة ملف قضية الإعدام فإن المستشار يقوم بدراسة ملف القضية دون نسخ أي ورقة من أوراق القضية بأي طريقة من طرق النسخ، ويجب أن تراجَع القضية ويُكتَب التقرير الخاص بالقضية داخل مقر دار الإفتاء المصرية، ولا يخرج أي تقرير أو أي ورقة خاصة بالقضية خارج مقر دار الإفتاء .